تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بحديثها في افتتاح "التجمع الأول المعني بالمرأة والإيمان والدبلوماسية"، أرادت الأستاذة عزة كرم، وهي الأمين العام لمنظمة أديان من أجل السلام (RfP) العالمية، أن تضع الأمور في نصابها الصحيح. وقالت: "إن عمل النساء المؤمنات ليس بالأمر الجديد، لكنَّ الجديد هنا هو التعاون بين الرجال والنساء على إيصال صوت المرأة ومنحها حق إبداء الرأي في قضايا وحقائقَ عالمية معيَّنة وحرجة". ثم اعترفت -وقد ارتسمت على محيَّاها ابتسامة لطيفة- قائلة: "لقد تطلب الأمر بضعة رجال لإدراج قضية المرأة والإيمان والدبلوماسية في جدول الأعمال العالمي في هذا الحدث".

شهد العالم مسيرة تاريخية في شوارع فيينا المتعرجة والمرصوفة بالحصى، قادها ممثلو المجتمعات الدينية على اختلافها، وضمت أعضاء المجتمع والسياسيين والصحفيين، مؤكدين على موقفهم الثابت ضد الكراهية التي تجسدت من خلال الهجوم الإرهابي الأسبوع الماضي. وجاء هذا قبل ثلاثة أيام فقط، بالضبط في الثاني من نوفمبر، وفي نفس الشوارع خارج الكنيس اليهودي الرئيسي في فيينا، حيث دَوَّت طلقات نارية سريعة في الهواء بينما كان المسؤول عنها يشق طريقه في وسط المدينة. ونُسبت هذه العملية، التي راح ضحيتها أربعة قتلى وسبعة عشر جريحا، إلى أحد مؤيدي داعش.

لا يختلف اثنان في أن للدين دورًا جوهريًّا إذا ما تعلق الأمر بالسعي إلى الحوكمة الرشيدة. وإن صناعة السياسات التي تخدم هذه الحوكمة تتطلب القيم والمبادئ الأساسية التي تتبناها منظمات القيم الدينية في كل أنحاء العالم، وهي: الصدق والنزاهة ونكران الذات. ولا تكاد التقاليد الدينية في أي ديانة في العالم تخلو من دروس مكافحة الفساد والدعوة إلى الشفافية في إحقاق المساواة وسيادة القانون. اليوم، ومع تقويض جائحة كوفيد-19 للتماسك الاجتماعي وتهديد ثقة الجمهور في المؤسسات السياسية، أصبح إشراك المشرعين في هذه المثل العليا ضروريا للغاية.

زادت حالات الإصابة بفيروس كوفيد -19 زيادة مفرطة في أمريكا اللاتينية، والسؤال هنا: ما احتياجات هذه المنطقة الأكثر إلحاحًا في هذه اللحظة وما هي الحلول المقترحة؟

فأهم ما يميز هذه الجائحة أنها لا تعترف بالحدود، لذا عرفتها منظمة الصحة العالمية بأنها فاشية مرض عالمي جديد. وجائحة كوفيد-19 لم تؤثر على أمريكا اللاتينية فحسب بل على العالم بأسره حتى أضحت الحاجة الملحة البشرية جمعاء في إيجاد لقاح لهذا الفيروس.

لقد تسببت جائحة كوفيد-19 الحالية في وقف عجلة العالم، دافعةً أنظمة الرعاية الصحية إلى نقطة الانهيار، والأسواق العالمية إلى دوامة هبوطية فظيعة، فضلًا عن تردي أوضاع الفئات المحتاجة وتفاقم الفروقات بين الطبقات. ولهذا، فقد تضافرت جهود الخبراء، من الاقتصاديين إلى علماء الأوبئة، في جميع أنحاء العالم لتقديم حلول لهذه التحديات غير المسبوقة. ولكن ما هو الدور الذي يمكن أن تؤديه القيادات الدينية؟

شعار فاطمة أبوسرير "لِـمَ لا؟" قول "لا" يمكن أن يخلق حواجز.

بطلة قصتنا اليوم هي " فاطمة أبوسرير"، وهي مترجمة سعودية مكنتها مهنتها والمهارات التي اكتسبتها من برنامج كايسيد للزمالة الدولية من أن يسطع نجمها في فضاء الحوار ونشر ثقافته في وطنها المملكة العربية السعودية.

في عام 2005، دعوة الكاردينال أونييكان للالتزام بمبادئ السلام وخفض التصعيد كانت على المحك، لا سيما وقد تلقي للتو خبرًا مفاده أن إحدى الصحف الدنماركية قد نشرت سلسلة من الرسوم الكاريكاتورية الساخرة للنبي محمد مما اندلعت على إثرها موجات غضب عارمة أسفرت عن وقوع مئات الضحايا عقب انتفاضة مسيحية-مسلمة عنيفة عصفت بالبلاد.

وبعد زيارة المعنيين، تواصل الكاردينال أونييكان مع سلطان سوكوتو، زعيم مسلمي نيجيريا، وأصدر اثنان من القيادات الدينية الأكثر نفوذًا في نيجيريا بيانًا مشتركًا أعلنا فيه أن الحادث لا يمس الجانب الإسلامي المسيحي وحثا الجانبين على تسوية الخلافات سلميًا.

في الدورة العاشرة للجمعية العالمية لمنظمة "أديان من أجل السلام" في لينداو بألمانيا، تقدم الحاخام إلياس شتشيتنيكي بشكل عاجل إلى مقدمة الحشد بعد قراءة مسودة إعلان التجمع بصوت عالٍ. وقال شتشيتنيكي، الأمين العام الإقليمي لمنظمة أديان من أجل السلام في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، رغم أن الإعلان تطرق إلى معالجة مجموعة من القضايا، وعلى رأسها النزاعات العنيفة والتعليم والفقر المدقع وحماية الأماكن المقدسة، إلا أنه غفل عن تفصيل مهم للغاية، فبينما تضمن قسمًا حول "التنمية البشرية المستدامة والمتكاملة وحماية الأرض"، إلا أنَّه لم يعالج التفاصيل بما فيه الكفاية، على حَد قوله.

في سياق اللقاءات التشاوريّة الأوروبية التحضيرية لمنتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين، بحث كلاً من جيف سيمون وراشيل بياني، من مكتب الجامعة البهائيّة العالميّة (BIC) في بروكسل، في سبل مساهمة المجتمعات الدينية في صياغة الخطابات السياسية على المستوى الدولي، ولا سيما التي تهدف إلى النهوض بالرخاء والعدالة العالميين.

كيف يمكن للمجتمعات والمنظمات الدينية أن تدعم الإغاثة المُوجهة تلقاء الجائحة؟

لا تفهم مخيلة السواد الأعظم من الناس المكانة التي يشغلها الدين عندما يتعلق الأمر بحل الصراعات، بل إن منهم من يراها متناقضة، كما تعترف الجهات الدينية الفاعلة وأفراد مجتمعاتها الدينية أنها في الغالب مقصرون، وأن طقوس عقائدهم قد تعرضت للتحريف، ما يسبب ويشجع الكراهية والعنف. ولكن في نفس الوقت، فإن ممثلين من مختلف الأطياف الدينية والسياسية يعتقدون أنه "في ظل الأزمات التي يعيشها العالَم اليَوم، فإن الدين ليس مجرد جزء من المشكلة، بل إنه جزء من الحل".