تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تواجه أوروبا اليوم أكبر حركة لجوء إليها منذ الحرب العالمية الثانية؛ إذ فرَّ 4.9 مليون أوكراني من الحرب في القارة الأوروبية وسعى آلاف الأفغان إلى الحصول على الحماية داخل الاتحاد الأوروبي نتيجة للعنف الواسع النطاق في أفغانستان الذي أودى بحياة عدد هائل من الضحايا المدنيين.

اجتمع هذا الأسبوع في ورشة في ستوكهولم أكثر من 40 من القيادات الدينية وممثلي منظمات إغاثة اللاجئين وصانعي السياسات لمناقشة التحديات والفرص للإدماج الاجتماعي للاجئين والمهاجرين في مدن أوروبا.

نظرًا إلى موقع صربيا في منتصف الطريق بين الشرق الأوسط وأوروبا الغربية، فقد تضررت بشدة في عام 2015 من "أزمة اللاجئين" الذين هربوا من الحرب وانعدام الأمن الاقتصادي المزمن في بلادهم. وإذ وصل مئات الآلاف من اللاجئين إلى بلاد البلقان وكان معظمهم متجهًا إلى العاصمة الصربية بلغراد، كان من بين صفوفهم آلاف الأطفال غير المصحوبين بذويهم والذين كانوا وحيدين وضعفاء وفي حاجة ماسة إلى رعاية متخصصة.

في وقت تزداد فيه معاداة السامية وكراهية المسلمين وكره الأجانب في أوروبا، فإن وقوف الحاخام والإمام جنبًا إلى جنب في تضامن مع الناجين من محرقة اليهود (الهولوكوست) ومع بعضهم بعضًا وباسم يهود أوروبا ومسلميها يعد لحظة قوية ومؤثرة.

إنَّ أفضل أشكال المساعدة الإنسانية هي تلك التي تكون وجهًا لوجه، حيث التعاطف مع الناس عبر النظر إلى عيونهم أو الأخذ بأيديهم أو معانقتهم. وهي أمور جوهرية افتقدناها في زمن الجائحة العالمية.

وقد واجه الناشطون في مجال الإغاثة في جميع أنحاء العالم تحديات لم تكن بالحسبان، تمثلت لدى البعض في التقليص المؤقت لأنشطة الإغاثة لدى البعض، وفي ضرورة مضاعفة الجهود لمساعدة المجتمعات الأكثر احتياجًا لدى البعض الآخر. ومن هؤلاء كانت الوكالة التنمية والإغاثة السبتية (أدراADRA ).

في أثناء مقابلة أجريت في سبتمبر عام 2021 مع نائب مدير قسم البرامج في مركز الحوار العالمي "كايسيد" الأستاذ أنس العبادي، شُتت انتباهُه قليلًا نتيجة ظهور إشعار إخباري على شاشة هاتفه المحمول يفيد بأن الشرطة الألمانية منعت للتو هجومًا على كنيس يهودي في مدينة هاغن الواقعة شرقي مدينة دوسلدورف في ألمانيا.

وبعد أن شهد الأستاذ العبادي الدمار الذي أحدثه الهجوم على كنيس يهودي في مدينة هالة شرق ألمانيا في عام 2019، دُهش مرة أخرى كيف أن أحداثًا كهذه أكدت اهتمام كايسيد بدعم المشروعات التي تعزز حماية المواقع الدينية وتشجيعها.

اعترافًا بعام يشوبه تصاعد كره الأجانب وخطاب الكراهية، سيركز اليوم العالمي للاجئين هذا العام على ضرورة إدماج اللاجئين والمهاجرين.

ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، فقد أجبر الصراع والاضطهاد أكثر من 80 مليون إنسان في مختلِف أنحاء العالم على الفرار من ديارهم.

إدماج الحوار في برنامج الكشافة

إدماج الحوار في برنامج الكشافة

يدرك مركز الحوار العالمي "كايسيد" الدور المهم الذي يضطلع به الشباب في الإسهام في تعزيز التماسك الاجتماعي والتعايش السلمي داخل مجتمعاتهم المحلية، ويشجع بنشاط نشر الحوار بين أتباع الأديان والثقافات بين الشباب. وقد طُور برنامج التدريب الرائد للمركز، ألا وهو برنامج الحوار من أجل السلام (DfP)، بالتعاون الوثيق مع المنظمة العالمية للحركة الكشفية (WOSM) وأُنشئ للشباب وبمساعدتهم.

وإذ يرى المركز كذلك أن الشباب هم صانعو التغيير في المستقبل، فإن برنامج الحوار من أجل السلام يرمي إلى تزويد المشاركين بالأدوات اللازمة للمشاركة بطريقة مجدية في بناء ثقافة الحوار والإسهام في جهود المصالحة وتبديد القوالب النمطية داخل مجتمعاتهم وخارجها. وإلى جانب ذلك، فإن البرنامج يسعى أيضًا إلى دعم جانب التنمية الروحية لبرمجة الشباب في إطار برنامج الكشافة.

برنامج الاندماج الاجتماعي لطالبي اللجوء في أوروبا

برنامج الاندماج الاجتماعي لطالبي اللجوء في أوروبا

وإذ يواجه اللاجئون والمهاجرون مناخًا سياسيًّا واجتماعيًّا صعبًا في أوروبا يعيق اندماجهم الاجتماعي في المجتمعات المضيفة، فضلًا عن أثر المفاهيم الخاطئة الشائعة في ترك انطباع بأن اللاجئين والمهاجرين قد يمثلون تهديدًا للقيم الأوروبية الأساسية، مثل حرية الدين والديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة، برزت الحاجة إلى اتخاذ تدابيرَ فعالة وسياسات مستدامة لتحقيق حياة كريمة لهم وزيادة مشاركتهم النشطة.

ومن هنا، يدرك مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد" أن الاندماج الناجح أمر حيوي لمنع القادمين الجدد من أن يصبحوا "غرباء"؛ ما قد يعرض نسيج المجتمع للخطر. ولهذا الغرض، فمن الأهمية بمكان السماح بالتجارِب الحقيقية في الانتماء والرفاه وتعزيز فرصهم في المشاركة في المجتمع وتجنب عمليات التمييز والإقصاء التي يمكن أن تؤدي إلى إنشاء مجتمعات موازية. ولأن القادمين الجدد وأعضاء المجتمعات المضيفة يحتاجون إلى المزيد من نقاط الاتصال والمِساحات المشتركة للمضي قُدمًا نحو تحقيق الاندماج الناجح الثنائي الاتجاه، فإن الحوار بين أتباع الأديان والثقافات يمكنه أن يساعد على تعزيز التفاهم المتبادل من أجل فهم أفضل للسياق الثقافي للآخر، وذلك يشمل خلفيته الدينية. وفي نهاية المطاف، يمكن أن يكون الاندماج وعدم الإقصاء عملية مربحة للجميع وتعود بالفائدة على المجتمع بأسره، بل وينبغي ذلك حتمًا.