شبكة الكليات والمعاهد الدينية الإسلامية والمسيحية في العالم العربي
يمثل تأسيس شبكة الكليات والمعاهد الدينية الإسلامية والمسيحية في العالم العربي حدثا رياديا غير مسبوق في المنطقة العربية، ويأتي تنفيذا لأهداف المركز ضمن مبادرة متحدون لمناهضة العنف باسم الدين. حيث أن بعد أكثر من عامين من الاجتماعات والعمل والتنسيق، قد تم إطلاق الشبكة رسميا في شهر مايو 2017.
إن هناك إدراك صريح بأن المجتمعات العربية بأمس الحاجة لتعميق الحوار والتشديد على أهمية بناء ثقافة تعددية منفتحة. وتكمن أهمية هذا المشروع في الحرص على تقديم حلول مستدامة وليس مؤقتة، لمواجهة التحديات الكامنة في عصرنا الحاضر. حيث أن هذه الشبكة تمثل مساحة عمل مستمر ومنظم للقيادات الدينية والتربويين والقائمين على المؤسسات التعليمية الدينية الجامعية في المنطقة، وذلك من منطلق أن تلك المؤسسات التربوية لها دور أساسي في الانفتاح على الآخر وترسيخ قيم الحوار والعيش المشترك.
ويؤسس هذا المشروع مجتمعًا ضخمًا ومترابطًا من القيادات الدينية والمعلمين والطلاب من مختلف المعاهد والكليات الدينية في المنطقة العربية، الذين يستخدمون آليات الحوار بين أتباع الأديان والثقافات في تعليمهم لتخريج جيل من صناع السلام الناشطين في مجتمعاتهم. كما تدعم الشبكة تطوير الأدوات التعليمية التي بدورها تعزز التنوع الديني والثقافي وتدعم السلام والتعايش والمصالحة.
المواطنة المشتركة
منع التحريض على الجرائم الوحشية
نظّم المركز بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية ومنتدى القيادات الدينية بمدينة فاس المغربية عام 2015 والتي نتج عنها خطة عمل لمنع التحريض على الجرائم الوحشية. وتبين الخطة الأولوية لمكافحة الخطاب المحرض على الكراهية وتعزيز التعليم بين أتباع الأديان وإشراك القيادات السياسية. وتم تعديل هذه الخطة من قبل قيادات دينية في المؤتمرات الإقليمية بإفريقيا والأمريكتين وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. اعتُمدت النسخة النهائية من الخطة في مؤتمر الأمم المتحدة عام 2017.
دعم الحوار الشامل في ميانمار
تواجه ميانمار، ثاني أكبر دولة في جنوب شرق آسيا والبالغ عدد سكانها حوالي 56.8 مليون نسمة، تحولًا كبيرًا على المستويين السياسي والاقتصادي. وتعاني هذه الدولة من قضايا الهوية بين مختلف الأديان والأعراق (فهي تضم أكثر من 135 مجموعة عرقية معترف بها). وتتعرض الجالية المسلمة في أجزاء مختلفة من البلاد، ولا سيما في ولاية راخين، لأعمال عنف.
وأفاد تقرير لمقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في ميانمار باندلاع موجة عنف أخرى في أغسطس 2017 أدت إلى مقتل أكثر من 1000 شخص، في حين أشارت منظمة أطباء بلا حدود إلى مقتل 6700 شخص. وعلى هذا، دعا الأمين العام للأمم المتحدة سلطات البلاد إلى إنهاء العنف ضد لاجئي الروهينجا.
وفي أعقاب التوترات العنيفة التي عصفت بهذه المنطقة في أكتوبر 2016، أصدر المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقريرًا موثقًا في عام 2017 سلط الضوء فيه على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وسياسة قوات الأمن التي اتسمت بــ "الوحشية المدمرة" ضد الروهينجا.
تواجه الحكومة المنتخبة حديثًا تحديًا كبيرًا في إصلاح استجاباتها السياسية والأمنية والسياسات العامة للمحافظة على أمن البلاد وسلامته. وكانت نتائج المفاوضات الهادفة إلى إجراء تسوية سلمية وطنية مع الجماعات العرقية المسلحة دون المأمول. وعلى الرغم من ادعاءات الحكومة بأن الروهينجا هم مهاجرون غير شرعيين من بنغلاديش، والتي لم تبذل أي جهد حقيقي لمنحهم أي وضع قانوني رسمي، فإن الأحداث الأخيرة تظهر التغير الكبير في توجهها نحو محاربة الجماعات المتطرفة. ومنذ أغسطس 2017، فر أكثر من نصف مليون لاجئ من الروهينجا من أعمال العنف، حيث دعت الأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا إلى "تعليق العمل العسكري، وإنهاء العنف، ودعم سيادة القانون".
أعمالنا في جمهورية إفريقيا الوسطى
شهدت جمهورية إفريقيا الوسطى موجة من العنف منذ شهر مارس من عام 2013، مما أدى إلى تشريد قرابة 900.000 شخص بالقوة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الأزمة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في عصرنا الحديث وَفقًا لتقارير الأمم المتحدة؛ إذ يوجد أكثر من 460.000 لاجئ من هذه الجمهورية في البلدان المجاورة و436.000 مشرد داخلي فيها. وإذ يؤثر الانقسام بين أتباع الأديان في استقرار البلاد، فهو يسبب أيضًا صدامات بين مختلِف المجتمعات الدينية والعرقية داخلها ويضعِف احتمالات المصالحة.
ونظرًا إلى ضخامة عدد النازحين، فإن البلاد مهددة بالانقسام بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي. وطبقًا لما صرحت به مصادر مختلفة، فإن نسبة المسيحيين في البلاد تصل إلى 80% من السكان (55% من الكاثوليك و25% من البروتستانت) في حين أن نسبة المسلمين هي 15% تقريبًا.
وسعيًا إلى حل الأزمة، نظمت الحكومة الانتقالية "منتدى بانغي للمصالحة الوطنية" في شهر مايو من عام 2015، أدى في نهايته إلى اعتماد الميثاق الجمهوري للسلام والمصالحة. وفي أكتوبر من عام 2015، دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "المجتمع الدولي إلى مواصلة دعم جمهورية إفريقيا الوسطى عبر معالجة الأولويات الحاسمة التي حددها سكانها في منتدى بانغي للمصالحة الوطنية"، "وأثنى على الجهود المشتركة التي تبذلها القيادات الدينية في هذه الجمهورية بغية تحقيق السلام بين المجتمعات المحلية". وعلى هذا، فمن واجب الأطراف الفاعلة الدولية والمحلية أن تواصل دعم الحوار، وذلك يشمل الحوار بين القيادات الدينية لتمهيد الطريق أمام السلام والمصالحة.
الحوار وسيلة للسلام والمصالحة بين أتباع الأديان في نيجيريا
تشهد نيجيريا -التي تحتضن أكثر من 182 مليون نسمة ينتمون إلى أكثر من 500 مجموعة عرقية (وفقًا لتعداد 2015) - حالة من الانقسام بين المسلمين والمسيحيين. ويشير تقرير حديث للأمم المتحدة بأنه من المتوقع أن تتفوق نيجيريا على الولايات المتحدة باحتلالها المركز الثالث بين كبرى الدول من حيث عدد السكان في العالم بحلول عام 2050. كما تتربع نيجيريا حاليَا على قائمة أكبر الاقتصادات في أفريقيا.
في المقابل، نرى أن التوترات المتزايدة إزاء الانقسامات الدينية والإقليمية والعرقية والسياسية قد أدت إلى الإضرار بالعلاقات بين أتباع الأديان في نيجيريا التي يثقل كاهلها أيضًا ضغوط أكبر إثر غياب الحوار المستمر وشدة التنافس على الموارد المتاحة. كما شهدت شمال شرق نيجيريا، على وجه الخصوص، زيادة في أعمال العنف على يد الجماعات المتطرفة مثل بوكو حرام التي تسعى للتلاعب بالهويّة الدينية في نيجيريا لتنفيذ أغراض سياسية، مسببةً بذلك شرخًا في النسيج الاجتماعي لهذا المجتمع المتنوع دينيًا وثقافيًا عبر التاريخ.