تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

على مدى خمسة عشر عامًا عمل ألبرت مبايا صحفيًا مختصًا بشؤون السلام والأمن في بلاده جمهورية إفريقيا الوسطى، والتي واجهت عقودًا من الاضطرابات تخللها ظهور مجموعات من المعارضة المسلحة.

وفي الوقت الذي نعيش فيه الذكرى الرابعة لاتفاق السلام التاريخي في البلاد، 6 فبراير، لا زالت التهديدات المستمرة تواجه الصحفيين المحليين. فقد كان تقديم تقارير موثوقة يمثل تحديًا في بلد ترتيبه في النصف الأسفل على مؤشر حرية الصحافة بسبب ضغوط الفقر والحرب الأهلية وعوامل داخلية وخارجية.

مع أن عام 2022 أثبت أنه يمثل تحديًا للكثيرين، فقد كان أيضًا عامًا اتسم بالقدرة على مواجهة تلك التحديات وخلق بدايات جديدة.

وفي مركز الحوار العالمي "كايسيد"، واصلنا مع شركائنا ومنصاتنا وزملائنا وأصدقائنا معالجة خطاب الكراهية واحتفلنا بقيادات الحوار النسائية وسهَّلنا مسارات إدماج اللاجئين الفارين من العنف في مجتمعاتهم المضيفة وعززنا الوحدة والتعاون بين أتباع الأديان.

كلما طال الوقت وزادت الخبرة، تحقق النمو والتقدم...

في الذكرى السنوية العاشرة لتأسيسه (2012-2022)، يحتفل مركز الحوار العالمي (كايسيد) بإنجازاته وأثره في الزملاء والمجتمعات المحلية الذين استفادوا من التدريبات والدعم وبالمبادرات والبرامج والشبكات والشراكات العديدة، ويحتفي بقدراته على التعلم من النجاح والفشل على حد سواء.

وباستعراض كايسيد للعقد الأول من عمله، طلب من أفرقته النظر في التحديات التي واجهوها والإنجازات التي حققوها، وربما الأهم من ذلك الدروس المستفادة طوال مسيرة عملهم.

تعد إراقة الدماء نتيجة للصراع العرقي والديني بين الطوائف حدثًا يوميًّا في نيجيريا، وهذا شيء يفهمه أولوواسيغون أوغونساكين فهمًا أفضل من غيره بكثير.

وحلل أوغونساكين، وهو طالب في مجال السلام والأمن يبلغ من العمر 34 عامًا، الأسباب المعقدة للعنف المتجذر في بلاده. وبصفته مدير مشروعات يعمل مع منظمة Bellwether الدولية، وهي منظمة غير ربحية لحقوق الإنسان، فقد عاين بنفسه عواقب الطائفية.

ورأى أوغونساكين بخبرته أن الحل -أو على الأقل نقطة الانطلاق للسلام- يكمن في الحوار بين أتباع الأديان.

إن الانتقال إلى موطن جديد يفرض مجموعة من التحديات، كما أن مغادرة الحي القديم وفراق الأصدقاء الأعزاء والاستقرار في محيط غير المحيط الأصلي ليس دائمًا بالأمر السهل.

وفي الوقت ذاته، يتيح هذا الانتقال مجموعة من الفرص للنمو وخلق بدايات جديدة وبناء علاقات مثمرة.

إن المعالم التاريخية والأثرية، إلى جانب المنحوتات القديمة والآثار والمخطوطات، هي شهادة على تنوعنا وتاريخنا المعقَّد وصروح لإنجازات أجدادنا. وعبر التاريخ، حاول الغزاة والمتطرفون هدمها بهدف القضاء على الذاكرة الجماعية للأمم وفرض قواعدهم الخاصة.

"هل العبودية ما تزال موجودة في أيامنا هذه؟"، هذا السؤال الاستفزازي تضمنه منشور على الإنستغرام المنظمة الإندونيسية "نساء من مختلف الأديان Srikandi Lintas Iman ".

وتابع المنشور الذي تظهر فيه نساء كثيرات يحملن لافتات تحكي محنة خدم المنازل ذوي الرواتب القليلة والعمال المهاجرين الذين تعرضوا لسوء المعاملة وأولئك الذين يقعون ضحية للمتاجرين بالبشر قائلًا: "سؤال ساذج بعض الشيء؟ ربما".

أصبحت الفنون والثقافة على نحو متزايد أدوات عملية لتعزيز التماسك الاجتماعي والتعايش والمصالحة، وقد أظهرت ذلك العديد من المبادرات الناجحة، كما أنهما يساعدان على إثارة محادثات صحية بشأن مسائل صعبة مثل التوترات الطائفية والعنف السياسي وإحداث تغيير إيجابي في المجتمعات المحلية، فضلًا عن أن لديهما القدرة على إزالة الحواجز التي تعترض الحوار وخلق مِساحة آمنة لمشاركة الروايات المتنوعة.

وهناك من يرى المسرح -تحديدًا- وسيلةً وأداةً للمجتمعات المحلية لمناقشة القضايا الطائفية وتقديم روايات مختلفة للصراع ومناقشة الظلم الاجتماعي.

كتب المهاتما غاندي في إحدى الملاحظات الأخيرة التي تركها عام 1948 ما نصه:

"سأمنحك تعويذة تنفعك... تذكر وجه أفقر وأضعف رجل أو امرأة ربما رأيته، ثم اسأل نفسك: هل الخطوة التي تفكر فيها ستكون ذات فائدة له أو لها؟ وعندها ستجد الشكوك التي تساورك قد تلاشت بعيدًا بعيدًا...".

وقال الدكتور إس. آر. سوبرامانيان، منسق البرامج في مركز "شانتي أشرم" في كويمباتور بالهند، إن هذا الاقتباس يبقى حاضرًا في ذهنه عندما يواجه عِظم جائحة "كوفيد-19".

ولد الأب نعمة صليبا في لبنان المتعدد الثقافات عام 1974، وهو ذات العام الذي اندلعت فيه الحرب الأهلية اللبنانية. ونظرًا إلى أنه عاش سنوات تكوينه شاهدًا على الصراع الديني والسياسي المحتدم، فإنه مصمم اليوم على تعليم الشباب مكافحة استخدام الدين لتسويغ العنف.

وقال الأب نعمة واصفًا سعيه إلى نشر ثقافة الترابط بين أتباع الأديان: "إنني أسعى إلى تحصين مجتمعي، ومجتمعي لا يعني لبنان وحسب، بل إنه يشمل الدول العربية كافَّة، لأن هذه الدول تعاني من الأمراض ذاتها".