اجتمع هذا الأسبوع في لشبونة، شخصيًّا وافتراضيًّا، أكثر من 130 من صانعي السياسات رفيعي المستوى والقيادات الدينية والأكاديميين وممثلي منظمات إغاثة اللاجئين البارزة لمعالجة أزمة اللاجئين العالمية وصياغة سياسات شاملة للاندماج في أوروبا.
وفي الفترة من 19 إلى 21 من أكتوبر لهذا العام، استضاف مركز الحوار العالمي "كايسيد" وشبكة الحوار (N4D)المدعومة منه والمجلس الأوروبي للقيادات الدينية (ECRL) المنتدى الأوروبي الثالث للحوار بشأن سياسات اللاجئين والمهاجرين تحت شعار "تعزيز الاندماج الاجتماعي ودعم المشاركة النشطة للاجئين والمهاجرين في المجتمعات المضيفة".
ومع أن المجتمع الأوروبي يتسم بالتنوع العرقي والقومي والديني النشط، فإن خطاب الكراهية والتمييز آخذ في الازدياد. ووفقًا لاستطلاع أجرته منظمة غالوب Gallup، ازداد التعصب إزاء الهجرة على الصعيد العالمي مع وجود بعض أقل البلدان تسامحًا في الاتحاد الأوروبي. ومع أن القيادات الدينية في وضع مناسب يسمح لها بدعم العمليات التي تعمل على تعزيز التضامن والتماسك الاجتماعي، نرى الكثير منها يفتقر إلى البرامج اللازمة للتواصل مع صانعي السياسات أو زيادة جهودهم.
وفي الجلسة العامة الافتتاحية للمنتدى، أعرب الأمين العام لمركز الحوار العالمي معالي الأستاذ فيصل بن معمر عن سعادته لحرص صانعي السياسات والقيادات الدينية والأكاديميين على الاجتماع في المنتدى لإزالة الحواجز التي تعيق الاندماج الشامل.
وقال: "إننا نؤمن بأننا لا نستطيع معالجة التحديات والتهديدات التي تواجه البشرية، ومن بينها الصراعات وتغير المناخ وجائحة كوفيد-10، إلا بالحوار الشامل الذي يوحدنا جميعًا".
وأضاف أن هذه المخاطر العالمية، المعروفة بالتحديات الثلاثة، دفعت قرابة 82.4 مليون شخص في جميع أنحاء العالم إلى الخروج من ديارهم. ومع الأسف، فقد وجد الكثيرون ترحيبًا لا يرقى إلى المستوى المنشود من المجتمعات المضيفة. وعليه، "ينبغي تعزيز المواطنة المشتركة والتماسك الاجتماعي لكي يصبح اللاجئون والمهاجرون مشاركين مشاركة كاملة في مجتمعاتهم المضيفة".
وفي ختام حديثه، أثنى ابن معمر على البرتغال لكونها تحظى بموقع مناسب لاستضافة منتدى هذا العام وأشار إلى اعتراف مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بهذا البلد نصيرًا للاندماج.
واعترفت أيضًا كلوديا بيريرا، وزيرة الدولة لشؤون الاندماج والهجرة في جمهورية البرتغال، بالتنوع الفريد في بلدها. وقالت: "نحن بلد متعدد الأديان وموطن 189 جنسية مختلفة و7% من سكاننا من المهاجرين".
وقال بيدرو كالادو، نائب مدير برنامج كولبنكيان للتنمية المستدامة والمفوض السامي السابق لشؤون الهجرة، إن هذا التنوع يؤمن فرصًا لا حصر لها لنجاح الاندماج ويسهم في الاحترام والتفاهم المتبادَلين. وأضاف: "نحن نعرف، أو على الأقل يمكننا أن نتذكر بسهولة، أننا والآخرين سواء ومررنا بنفس المصاعب. وفي الأوقات التي يزداد فيها التعصب والاستقطاب والانقسام، يكون التنوع نعمة بغض النظر عن دين الآخر أو ما يؤمن به".
وأقر كبير الحاخامات مايكل شودريتش بدوره بأن القيادات الدينية غالبًا ما تتردد في الحديث عن القضايا السياسية، وبالنتيجة فإنها كثيرًا ما تكون غائبة عن الخطاب المتعلق بالهجرة، مع أنها موجودة على الخطوط الأمامية لقضايا الاندماج في مجتمعاتها المحلية. وقد برز هذا التحدي بشدة في البلد الأصلي للسيد شودريتش في بولندا؛ إذ لقي عدة لاجئين حتفهم في الأسابيع القليلة الماضية على طول الحدود البيلاروسية ممَّا أثار غضب المجتمع الدولي.
وقال: "بصفتي عالم دين وحاخامًا، فإن مسؤوليتي تتمثل أيضًا في التحدث عن القضايا السياسية، ونحن رجال الدين ليس لدينا خيار سوى التحدث عن القضايا الإنسانية، لأن هذه المشكلة السياسية قد أوجدت أزمة إنسانية".
رسم إطار المشاركة
وعقب الجلسات العامة ليوم الافتتاح، أتيحت للمشاركين فرصة حضور عدد من الجلسات المواضيعية التي أوجدت سياقًا لجلسات الأفرقة العاملة وتوصياتها في اليوم الثاني. وشملت المسارات: تعزيز مشاركة اللاجئين والمهاجرين في مجتمعاتهم المحلية عبر خلق فرص التطوع وزيادة المشاركة في الحياة السياسية والعمليات الديمقراطية وضمان الحصول العادل على التعليم الرسمي.
وفي أثناء جلسة الفرقة العاملة المعنية بمكافحة خطاب الكراهية بوساطة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، شاركت إيرينا غوديكوفا رئيسة قسم الاندماج ومكافحة التمييز في مجلس أوروبا تجربتها في العمل مع الحوار على الصعيد المحلي.
وقالت غوديكوفا: "عندما يكون الحوار بين أتباع الثقافات جزءًا لا يتجزأ من السياسات على الصعيد المحلي، فإنه يصبح قويًّا حقًّا ويجمع الكثير من الشركاء المتعددين".
ثم أشارت إلى العديد من المجالات التي يمكن فيها للسلطات المحلية والقيادات الدينية أن يكون لها تأثير كبير في الاندماج الشامل، فضلًا عن مكافحة خطاب الكراهية والتمييز في مجتمعاتها المحلية. وطبقًا لما ذكرته غوديكوفا، يمكن للقيادات المحلية ضمان الوصول الآمن والمتكافئ إلى أماكن التجمعات التي يمكن للقادمين الجدد ممارسة العبادة فيها أو تنفيذ الأنشطة الاجتماعية ودعم الأماكن المختلطة ثقافيًّا ودينيًّا وتعيين وسطاء مدرَّبين لتيسير العلاقات الناجحة في المجتمعات المحلية قبل أن تتصاعد التوترات وتتحول إلى أعمال عنف، كما يمكن للقيادات الدينية أن تعمل مع مجموعاتها على القضاء على التحيز والتمييز وتضمين رسائل التسامح في مواعظها.
وفي المنتدى أيضًا، أكد ميغيل أنخيل موراتينوس، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، أن هذه السياسات والإجراءات ضرورية لضمان أوروبا متنوعة وسلمية. وقال: "ينبغي لنا أن ننفذ سياسات تكافح العنصرية والشعوبية والإقصاء وتعزز التنوع بصفته عنصرًا من عناصر الثراء لنا جميعًا".
وأضاف موراتينوس أن تحالف الأمم المتحدة للحضارات قد وضع برامج لمحو الأمية الإعلامية وتدريبات للصحفيين "كي يفهموا اللغة وحساسية اللغة المستخدمة عند تغطية المسائل المتصلة باللاجئين والمهاجرين".
وعادت جلسات الفرقة العاملة في اليوم الثاني إلى المسارات المواضيعية الأربعة المحددة في اليوم الأول، مسندة إلى المشاركين مهمة وضع توصيات ملموسة للمشاركة وزيادة التركيز على الأصوات المهمَّشة.
وعُرضت نتائج هذه الجلسات في الجلسة العامة الختامية. وشملت التوصيات المتعلقة بالسياسات العامة: ضمان توعية المتطوعين المضيفين بضرورة تلبية الاحتياجات الثقافية والدينية للاجئين ودعم بناء قدرات اللاجئين والمهاجرين في ميدان المشاركين السياسية ورسم خريطة للمنظمات ذات الصلة التي يقودها المهاجرون واللاجئون في جميع أنحاء أوروبا على مستوى المفوضية الأوروبية لتحسين مشاركتها السياسية وإبرازها وكفالة حصول الأطفال اللاجئين على التعليم بوصفه حقهم القانوني دون الحاجة إلى وثائق، ومنه التعليم المتعدد الثقافات لموظفي المدارس، والطلب إلى المؤسسات التعليمية الدينية إعداد القيادات وتدريبها على مكافحة خطاب الكراهية.
واختُتم المنتدى في اليوم الثالث بحوار رفيع المستوى بحث بتمعن في مسألة خطاب الكراهية في أوروبا.
اضغط هنا لتحميل برنامج المؤتمر.
تابعوا البث المباشر للمنتدى أدناه
يشارك كلٌّ من مركز الحوار العالمي (كايسيد) ومرصد بلانكويرنا للإعلام والثقافة والدين وشركاء آخرون في استضافة مؤتمر…
وقالت بوش: "مع أن التنوع والاندماج يُستخدمان في كثير من الأحيان بنفس المعنى، فإنهما يشيران إن نهج مختلفة للمجتمع، وغالبًا ما…
من الإغلاق العالمي إلى الحجر الصحي الإلزامي، مارست جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" ضغوطًا شديدة على…