تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
Icon(s)
17% فقط من استهلاك الطاقة العالمي يأتي من مصادر متجددة.
Icon
Image
789 مليون شخص يعيشون بدون كهرباء
Icon
Image
2.8 مليار شخص يفتقرون إلى الوصول إلى مصادر الطاقة النظيفة من أجل الطهي.
Icon
Image
SDG thumbnail pager
Image
Media collection

usa

الجهات الدينية الفاعلة تدعم الحصول على مصادر طاقة نظيفة وبأسعار معقولة من أجل تحقيق العدالة البيئية والاجتماعية

إن الطاقة، في عالَم اليوم، هي مرادف القوة، إذ أنها تنقل الطعام والماء لتغذية الأفراد، كما أنها تشحن الأجهزة الطبية التي تساعد في علاج المرضى وتضيء المنازل والمدن حتى نتمكن من الدراسة والعمل ليلاً، وتبقي مليارات الأشخاص على اتصال بالإنترنت. وقد أدى تسخير استعمالات الطاقة هذه إلى تطوير العديد من المجتمعات، مع خلق تبعات لذلك أيضا. إذ في كثير من الأحيان، يطمس "التقدم" في مجال الطاقة معالم الثقافات المحلية ويفرض تكاليف باهظة على المجتمعات الضعيفة التي لا تستفيد الكثير منها.

ولنضرب مثالا على ذلك، وليكُن الهواتف الذكية. إن هذه التقنية الحديثة تحتوي على معادن ثمينة مستخرجة من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ومع ذلك فإن معظم المنطقة و 800 مليون شخص آخرين في جميع أنحاء العالم لا تتوفر لديهم الكهرباء لاستخدامها. كما يفتقر 2.8 مليار شخص إلى وقود وأدوات الطهي النظيفة، مما يؤدي إلى 2.5 مليون وفاة مبكرة كل عام بسبب دخان الطهي وتلوث الهواء المنزلي. من جهة أخرى، فإن العالم الآن يعتمد على الطاقات المتجددة في 17% فقط من استهلاك الطاقة العالمي، وهو ما لا يكفي تقريبًا لتلبية الأهداف المناخية طويلة الأجل، مقارنة مع معدلات النمو المتوقعة.

ويعيق الاعتماد المفرط على مصادر الطاقة الملوثة جميع أهداف التنمية المستدامة. ويمكن للتنفيذ المدروس لحلول الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة اليوم أن يحسن حياة المليارات من البشر ويساعد في حماية الأجيال القادمة من أسوأ آثار تغير المناخ. كما سيفيد جميع أشكال الحياة ويحمي النظم الإيكولوجية الحساسة ويعزز التنوع البيولوجي البحري والبري.

إن الهدف رقم 7 من أهداف التنمية المستدامة يضمن توفير طاقة حديثة وموثوقة ومستدامة بأسعار معقولة للجميع. وهذا يعني تساوي الفرص في الاستفادة من الكهرباء وتكنولوجيا الوقود النظيف. ولإنجاح ذلك، تعمل هيئات الأمم المتحدة وشركاؤها مع المجتمعات المحلية على تحويل استهلاك الطاقة إلى مصادر متجددة وتحسين الكفاءة العامة. وسيتطلب ذلك تعاوناً دولياً أفضل واستثمارات أكبر في تكنولوجيا الطاقة النظيفة والبنية التحتية، لا سيما في البلدان النامية.

وإن لمؤسسات ومنظمات القيم الدينية سببًا وجيهًا لمناصرة فكرة الطاقة النظيفة بأسعار معقولة. وتتعهد مؤسسات ومنظمات القيم الدينية بجملة من الأهداف على مستوى الإنسانية والكوكب. فبالنسبة للإنسان، تعهدت بتعزيز كرامة الإنسان وتوفير الفرص والمساواة فيها، وهي مبادئ أخلاقية توحد وتتجاوز أنظمة المعتقدات. أما بالنسبة للأرض، فقد تعهدت بتجسيد بيئة أكثر صحة، وتعزيز واجبنا المشترك للعمل الإنساني الذي يجعل منا خليفة الله على الأرض.

ويدرك صانعو القرار والجماعات العلمانية جيدا الالتزامات طويلة الأمد للجهات الدينية الفاعلة بالعدالة الاجتماعية والحفاظ على البيئة والشراكة معهم لتعزيز مشاريع الطاقة المستدامة. وقد أطلقت مبادرة الإيمان من أجل الأرض التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 2017 لمساعدة القيادات الدينية على تطوير رسائل استراتيجية لمجتمعاتهم ونمذجة السلوكيات المستدامة والتعاون بفعالية أكثَر.

إن أحد الشركاء الرئيسيين في مبادرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة هو مركز الأديان للتنمية المستدامة، الذي يرأس مشروع الطاقة المتجددة المستوحى من الإيمان. ويعمل هذا المشروع مع القرى المحلية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لاستبدال الأخشاب والوقود الملوث بطاقات متجددة، مثل: الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ويحقق الشركاء ذلك من خلال مساعدة المؤسسات الدينية على تركيب حقول شمسية واسعة النطاق على أراضيهم وتوفير الطاقة النظيفة والوظائف للمجتمعات الريفية في موزمبيق وخارجها.

تعمل منظمة أتباع الأديان للحفاظ على البيئة على مستوى العالم لإلهام الأشخاص من خلفيات دينية وروحية مختلفة وتثقيفها وحشدها لحماية البيئة واحتضان الحياة المستدامة. فمنذ عام 1992، نظمت هذه المنظمة غير الحكومية المتعددة الأديان حملات توعية بيئية، وساعدت المجتمعات الدينية على جعل نشاطاتها أكثر ملاءمة للبيئة. حيث شاركت منظمة أتباع الأديان للحفاظ على البيئة في تأسيس حملة شاين لتشجيع المزيد من المؤسسات الدينية والروحية على مواءمة قيمها المالية والأخلاقية، من خلال الاستثمار في مبادرات الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة، بدلاً من الوقود الأحفوري. ومن بين الشركاء الآخرين في حملة شاين هذه: الخدمة الأمريكية اليهودية العالمية ورابطة المعونة المسيحية ومنظمة الإغاثة الإسلامية العالمية ومشروع بهومي بقيادة الهندوس والمركز المشترك بين الأديان حول مسؤولية الشركات.

وتضم الشبكة البيئية لمبادرة الأديان المتحدة ما يقارب 200 خلفية دينية لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة والرفاهية البيئية. وقد دخلت مبادرة الأديان المتحدة الأفريقية في شراكة مع التحالف النسائي من أجل حماية الكوكب في عام 2018 لإطلاق أكاديمية ريبل، وهو منهج تدريبي منسق يدعم القيادات النسائية من جميع أنحاء العالم لإحداث تغيير اجتماعي وبيئي مؤثر. وتشجع الأكاديمية المشاريع الصغيرة الخاصة بمواقد الطهي النظيفة في كينيا، وبنوك البذور المجتمعية في مصر، وحقوق المياه في الأردن، وكلها لها آثار إيجابية على الطاقة النظيفة لمجتمعاتها.

كما تعمل منظمات القيم الدينية بجدية أيضًا على تعزيز الطاقة المتجددة. وعلى سببل المثال، منظمة الأيدي المسلمة، وهي وكالة إغاثة ومنظمة غير حكومية، تعطي الأولوية للاستدامة البيئية، بدلاً من استخدام المولدات التي تعمل بالوقود الملوث، لإنتاج الكهرباء لمشاريع البناء الجديدة. كما أنهم يستخدمون الطاقة الشمسية لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتقوم هذه المنظمة أيضا بتركيب آبار مياه تعمل بالطاقة الشمسية في أماكن مثل غزة، حيث يتسبب نقص الكهرباء في تعطيل الحياة اليومية. ويمتد هذا التركيز على الطاقة النظيفة والاستدامة إلى مناهجهم المدرسية ومبادرات التوعية المجتمعية، مما يضمن استخدام أفضل الممارسات بشكل أنجع.

تؤكد جميع برامج المعونة الكنسية النرويجية للمناخ على فوائد الطاقة النظيفة للحد من الفقر وتخفيف الجوع وضمان الصحة الجيدة والمياه النظيفة والمساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي. فمثلا، في الصومال وبوروندي، يجمع مشروع "التعليم من أجل الاستدامة" الطاقة الشمسية مع فرص التعليم وتوليد الدخل لتمكين المجتمعات الريفية. حيث تَعَرفَ ما يقارب الـ 400 مشارك، معظمهم من النساء والشباب العاطلين عن العمل، على ريادة الأعمال والطاقة المتجددة، كما أصبحوا يستخدمون منتجات الطاقة الشمسية في منازلهم وأعمالهم للحصول على كهرباء نظيفة وموثوقة.

ويعتقد الاتحاد اللوثري العالمي أن الوصول العادل للطاقة هو حق أساسي وشرط ضروري للبشر لتحقيق إمكاناتهم. حيث أنه في أي مكان تتعطل فيه الخدمة في أوقات الأزمات، يتدخل الاتحاد لتزويد المجتمعات المعرضة للخطر بالطاقة المتجددة والاتصال عبر الهاتف المحمول والإنترنت، وكذلك تحسين الفرص الاقتصادية والتماسك الاجتماعي.

وتُظهر هذه المؤسسات ومنظمات القيم الدينية، التي لا حصر لها، أن الوصول الموثوق به إلى طاقة نظيفة ميسورة التكلفة يساعد على تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة. وهم يؤكدون على أن تعزيز العدالة البيئية والاجتماعية هو أساس احترام قدسية الخلق، ومن خلاله فقط نحمي كوكبنا وسكانه لأجيال قادمة. قد تختلف الجهات الدينية الفاعلة وقادة التنمية العلمانيون في دوافعهم، لكنهم يتحدون في التزامهم بضمان الوصول الشامل إلى الكهرباء النظيفة وتكنولوجيا الوقود.

Video