كايسيد ومنظمة مبادرة الأديان المتحدة يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون العالمي في الحوار بين الأديان
وقّع مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار (كايسيد) ومنظمة مبادرة الأديان المتحدة مذكرة تفاهم تاريخية لإضفاء الطابع الرسمي على تعاونهما طويل الأمد وتوسيع الجهود المشتركة في مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات في جميع أنحاء العالم.
وجرت مراسم التوقيع في العاصمة البرتغالية لشبونة، على هامش الاحتفال بالذكرى العاشرة لبرنامج كايسيد للزمالة الدولية. ووقّع الاتفاقية ممثلًا عن المركز، السفير أنطونيو دي ألميدا-ريبيرو، الأمين العام المكلف، بينما مثّل منظمة مبادرة الأديان المتحدة السيد إريك رو، رئيس مجلسها العالمي. وقد حضر أيضاً السفير موسي هايلو، مدير الشراكات العالمية في المنظمة، والذي يُعد حليفاً رئيسياً في جهود المركز بإفريقيا منذ إنشائه.
يجمع هذا التعاون الاستراتيجي بين مؤسستين تحملان مهمات متكاملة: كايسيد، وهو منظمة حكومية دولية تهدف إلى تيسير سبل الحوار بين صانعي السياسات والجهات الدينية، ومنظمة مبادرة الأديان المتحدة، وهي أكبر شبكة عالمية شعبية للحوار بين الأديان، ولها حضور فاعل في أكثر من 120 دولة. وتضع مذكرة التفاهم إطارًا لتعزيز التعاون في مجالات التدريب والمناصرة وبناء السلام والمشاركة متعددة الأطراف، مع تركيز خاص على الشباب والنساء والمجتمعات الدينية.
وفي هذه المناسبة، قال السفير أنطونيو دي ألميدا-ريبيرو: "تُدشّن مذكرة التفاهم هذه مرحلة جديدة من التعاون المؤسسي الذي سيُلهم المزيد من المبادرات والعمل. إننا، بالتعاون مع منظمة مبادرة الأديان المتحدة، نؤكد من جديد التزامنا الراسخ بتعزيز قيم التعايش والاحترام المتبادل وبناء مجتمعات شاملة أساسها الحوار."
رؤية مشتركة للسلام والحوار
لقد عمل كل من كايسيد ومنظمة مبادرة الأديان المتحدة بشكل وثيق لأكثر من عقد، عبر إشراك الخبراء في المبادرات الإقليمية والعالمية المختلفة لكل منهما، بما في ذلك برنامج الزمالة الدولية وبرنامج إفريقيا. كما تعاونا في تنظيم ندوات إلكترونية مشتركة تناولت قضايا عالمية ملحّة، مثل استجابات أتباع الأديان لجائحة كوفيد-19 وقضايا الاستدامة البيئية.
وتقوم مذكرة التفاهم التي وقعت مؤخراً على هذا التاريخ الثري المشترك، وتحدد جملة من مجالات التعاون ذات الأولوية، أبرزها:
-
مبادرات بناء القدرات المشتركة: التركيز على دعم الحوار والتماسك الاجتماعي ومكافحة خطاب الكراهية.
-
تمكين الشباب والمرأة: إشراك هاتين الفئتين كقوتين فاعلتين ومُضاعِفتين للسلام في المجتمعات المتنوعة.
-
فعاليات الحوار المشتركة: تنظيم ندوات ومؤتمرات ولقاءات حوارية مشتركة، والاستفادة من منصات رئيسية مثل "مركز كايسيد للمعرفة والحوار" و "دوائر التعاون العالمية لمنظمة مبادرة الأديان المتحدة".
-
توسيع الأثر: المشاركة المتبادلة في الفعاليات والنشاطات الرئيسية لكل طرف لتعزيز الانتشار والتأثير المشترك.
تعزيز علاقات التعاون داخل إفريقيا وخارجها
تأتي شراكة كايسيد مع منظمة مبادرة الأديان المتحد تأكيداً للالتزام الطويل الأمد بدعم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات في جميع أنحاء إفريقيا وحول العالم. وفي إشارة إلى هذا التعاون، كانت منظمة مبادرة الأديان المتحدة قد كرّمت كايسيد في عام 2018 بجائزة إفريقيا للسلام تقديراً لإسهاماته في مبادرات الحوار التي عززت التماسك الاجتماعي، ومنع النزاعات، وبناء المرونة المجتمعية في القارة.
ومن خلال هذه الشراكة الجديدة، يعزز المركز حضوره والتزامه بمبادرات الحوار في إفريقيا، حيث ترتبط المنظمةبأكثر من 200 منظمة في 31 دولة، مما يؤسس لتعاون مجتمعي متين يخدم الحوار بين أتباع الأديان وجهود بناء السلام والعمل المشترك لمواجهة التحديات.
ويركز كايسيد في القارة الإفريقية على ترسيخ السلام والمصالحة عبر الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، خاصة في المناطق التي تعاني من الصراعات والنزوح والتفكك الاجتماعي. وتدعم المبادرات الرئيسية للمركز جهود بناء السلام من خلال: تعزيز الحوار بين القيادات الدينية وصانعي السياسات والمجتمع المدني، ومعالجة الأسباب الجذرية للنزاعات، وتعزيز التماسك الاجتماعي. ففي دول مثل جمهورية إفريقيا الوسطى وموزمبيق ونيجيريا، تركز برامج المركز على بناء شبكات تعاون متينة بين المجتمعات الدينية، ودعم جهود السلام المحلية، وإيجاد مساحات حوارية شاملة.
ويتمثل الهدف المحوري لبرنامج إفريقيا في ضمان مشاركة شاملة وكاملة للجهات الفاعلة الدينية والتقليدية وغيرها من الأطراف المعنية في دعم مبادرات السلام والأمن المستدامة، والعمل يداً بيد لصون الكرامة الإنسانية وتحقيق "أجندة الاتحاد الأفريقي 2063.
وفي هذا الصدد، وصف السيد إريك رو، رئيس المجلس العالمي لمنظمة مبادرة الأديان المتحدة، توقيع الاتفاقية بأنه إنجاز مفرح لنا جميعاً.
وقال السيد رو: 'يشرفني وأشعر بحماس عميق للدخول في مذكرة التفاهم هذه مع كايسيد. هذه الشراكة تجمع بين قوتين هائلتين: منظمة مبادرة الأديان المتحدة بشبكتها الشعبية الواسعة والنابضة بالحياة، الحاضرة في كل قارة، والتزام كايسيد القوي بتعزيز الحوار والتفاهم على أرفع مستويات القيادة.'
وتابع: 'لطالما آمنا في المنظمةبأن السلام الحقيقي والدائم يبدأ مع الناس— مع المجتمعات، ومع اللقاءات اليومية، ومع الخيار الشجاع للاستماع والتعاون. ومن خلال توحيد جهودنا مع كايسيد، نُنشئ جسراً بين حكمة القواعد الشعبية وتأثير صانعي القرار العالميين. هذا ليس مجرد عمل استراتيجي؛ بل عمل يبعث على الأمل. معاً، سنواصل تعزيز الوئام بين أتباع الأديان والثقافات، وصون الكرامة الإنسانية، وترسيخ ثقافة الحوار، وبناء عالم أكثر سلاماً ووحدة".
تطلعات مستقبلية
وقد عقد الطرفان اجتماع عمل في لشبونة بتاريخ 10 ديسمبر، وذلك بهدف وضع خارطة طريق مشتركة لعام 2026 وما بعده، وتحديد الأولويات عبر شبكاتهما العالمية والإقليمية والشعبية.
وسيتم التركيز بصفة خاصة على مواءمة الجهود مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، بالإضافة إلى تأهيل القيادات الدينية والمجتمعية من خلال برامج مشتركة تستهدف الشباب.
وفي الختام، في ظل عالم يشهد تفككاً متناميًا، تُجسّد مذكرة التفاهم هذه بين المنظمتين إيماناً راسخاً بقوة الحوار وقدرته على ترميم العلاقات، وبناء الجسور، ورسم مسار نحو مستقبل أكثر سلاماً.
نبذة عن جائزة إفريقيا للسلام
أُطلقت جائزة إفريقيا للسلام في عام 2007، وهي تهدف إلى الاعتراف بالقيادة الملتزمة والفعالة في سبيل إحلال السلام المستدام، والتنمية، والديمقراطية، والقيادة الرشيدة، والمصالحة، والوئام بين أتباع الأديان والثقافات، والتعايش السلمي في القارة الإفريقية. تحتفي الجائزة وتُكرّم الإنجازات الاستثنائية للأفراد والمنظمات الذين أظهروا قيادة متميزة لتعزيز ثقافة السلام والمصالحة والوئام بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة وصون الكرامة الإنسانية، التزاماً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتسهم الجائزة في إبراز نماذج يحتذى بها من بناة السلام في جميع أنحاء إفريقيا، وتسعى الجائزة في نهاية المطاف إلى حشد تقدير ودعم أكبر للقيادة الفعالة التي تعمل على بناء ثقافة سلام ووئام مستدامة في القارة.
نبذة عن منظمة مبادرة الأديان المتحدة
تُعد منظمة مبادرة الأديان المتحدةمنظمة سلام دولية تعنى بالحوار بين أتباع الأديان، وتتمتع بصفة استشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. وتعمل المنظمة على تعزيز التعاون اليومي المستدام بين أتباع الأديان، ومكافحة العنف القائم على دوافع دينية، ونشر ثقافات السلام والتعافي والعدالة للأرض وجميع الكائنات الحية. ومن خلال منظماتها الـــــ204 المنتشرة في 31 دولة إفريقية، تعمل مبادرة الأديان المتحدة لمنطقة إفريقيا على ترسيخ التعايش السلمي بين أتباع الأديان والثقافات، عبر إشراك الأفراد في ردم الفجوات الدينية والثقافية والعمل المشترك من أجل مصلحة مجتمعاتهم وبيئتهم.
نبذة عن كايسيد
يُعد مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار (كايسيد) منظمة حكومية دولية تُعنى بتعزيز ثقافة الحوار عالميًا بوصفها وسيلة لترسيخ التفاهم والتعاون والتماسك الاجتماعي. ويعمل المركز على تشجيع الحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة لبناء جسور تتجاوز الخوف والعداوات، وترسيخ قيم الاحترام المتبادل بين المجتمعات. ويدعم كايسيد في جهوده مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولا سيما الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، كما ينفذ برامج تستهدف مكافحة جميع أشكال التمييز القائمة على الثقافة أو الدين أو المعتقد.
