وسع مركز الحوار العالمي (كايسيد) نطاق تدريباته في مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات لتشمل مسؤولين في جنوب شرق آسيا.
فخلال شهر نوفمبر، عقد كايسيد سلسلة من سبع جلسات عبر الإنترنت بالتعاون مع معهد رابطة أمم جنوب شرق آسيا (الآسيان) للسلام والمصالحة. وكان الهدف من هذه الجلسات تدريب 24 مسؤولاً من رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) على استخدام الحوار لمنع النزاعات وحلها وتعزيز التماسك الاجتماعي.
وأشار البروفيسور باتريس بوردور، كبير مستشاري كايسيد، الذي أدار إحدى الجلسات التدريبية إلى الروابط المشتركة بين المنظمتين بقوله: "يعد مركز الحوار العالمي ورابطة آسيان شريكان طبيعيان لكونهما منظمتان دوليتين متعددة الأطراف، ويتشاركان المسعى عينه في تعزيز التماسك الاجتماعي والوئام باستخدام الحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
وأضاف: "يتطلع كايسيد إلى الاستفادة من خبرات رابطة آسيان في تعزيز التواصل بين أتباع الأديان والثقافات في جنوب شرق آسيا. والتعاون معًا من أجل تمكين القيادات من مختلف القطاعات والفئات، ولا سيما النساء والشباب، في تعزيز قيم التماسك الاجتماعي وبناء جسور السلام".
وجمعت الجلسات الحوارية، التي قدمها خبراء كايسيد في الفترة من 2 -23 نوفمبر 2021. مشاركين من خلفيات دينية وثقافية مختلفة وتناولت مواضيع مثل مكافحة الصور النمطية واستخدام الحوار بين أتباع الأديان والثقافات في تحويل الصراع وبناء جسور السلام.
وفي أثناء تقديمه لإحدى الجلسات التدريبية، أكد الدكتور محمد أبو نمر، كبير مستشاري مركز الحوار العالمي، أهمية رعاية وإطلاق مساحات حوارية على المستوى المؤسسي لتعزيز الحوار وحل النزاعات في جنوب شرق آسيا، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في المنطقة.
وأضاف الدكتور أبو نمر: "ستسهم هذه المساحات في تعزيز التنوع العرقي والديني والثقافي الثري والمحافظة عليه من منطلق إرساء قيم الاحترام واحتضان الجميع".
ويمثل هذا البرنامج الفريد من نوعه، الذي جاء بالتعاون بين مركز الحوار العالمي بالتعاون ومنظمة دولية في جنوب شرق آسيا، فرصة غير مسبوقة لإشراك المسؤولين في المنطقة وتعزيز مهارتهم في استخدام الحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
وتعليقًا على هذه الخطوة الفريدة، يقول هاري ميو لين، مسؤول برنامج آسيا في كايسيد: "إن هذه المبادرة هي الأولى من نوعها في آسيا، ونتطلع إلى خلق المزيد من فرص التعاون في المنطقة من أجل تعزيز التماسك الاجتماعي باستخدام الحوار. إذ إن التنوع الثقافي الذي يميز منطقة جنوب شرق آسيا له تأثير قوي على طبيعة العلاقات الدولية بين البلدان في المنطقة".
ويضيف: "تتميز منطقة جنوب شرق آسيا بالتنوع الكبير، إذ تتنوع ثقافات بلدانها ولغاتهم، وهذا يلعب دورًا كبيرًا على مستوى علاقاتها الدولية."
ومن هذا المنطلق، على المسؤولين أن يتمتعوا بالقدرة على استخدام الحوار بين أتباع الأديان والثقافات في عملهم في المنطقة.
ويشير ميو لين إلى أن الهدف من الجلسات الإلكترونية هو تدريب المسؤولين الناشطين بالفعل في مجال العلاقات الدولية حتى يتمكنوا من دمج الحوار بين أتباع الأديان في عمليهم الدبلوماسي، وهذا بدوره يسهم في ترسيخ جذور التماسك الاجتماعي في المنطقة.
ويشرح قائلاً: "تحدثنا في التدريب عن التعامل مع التنوع الديني واستخدام تقنيات الحوار في العمل الدبلوماسي. "أردنا رفع مستوى الوعي حول الحاجة إلى تضمين الحوار بين أتباع الأديان في العمل الدبلوماسي وكذلك تعزيز مهارات المسؤولين الدبلوماسيين في استخدام الحوار لحل النزاعات بين المجموعات المختلفة."
سد الفجوة بين المجتمعات وصانعي السياسات
تتماشى أهداف الدورات التدريبية مع أجندة رؤية رابطة آسيان لعام 2025 التي تسلط الضوء على أهمية تعزيز التسامح واحترام الأديان وحل النزاعات بالوسائل السلمية.
كما أنها تركز على ضرورة تقريب المسافات بين صانعي السياسات والمجتمعات المحلية التي تعاني من جحيم الأزمات والصراعات.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال نشر الوعي والمعرفة حول استخدام الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وسيلة لتعزيز السلام بين المجتمعات من خلفيات دينية وثقافية مختلفة.
تمكن المشاركون في التدريبات من اكتساب فهم ومعرفة أعمق للحوار بين أتباع الأديان والثقافات وكيفية دمجه وتطبيقه عمليًا في بلدانهم.
وتعلم المشاركون التقنيات والأساليب اللازمة لمساعدتهم على إدارة النزاعات وحلها وكذلك في استراتيجية السياسة والتخطيط من أجل تعزيز عمليات صنع السياسات التي تراعي الاختلافات الثقافية والدينية.
وأكد بونانج تيتيان راهارجو، وهو متدرب في مجال الإعلام لدى معهد الآسيان للسلام والمصالحة وأحد المشاركين في الجلسات التدريبية، أهمية تعزيز الوعي بالاختلافات الدينية، قائلًا:
"إن معرفتنا باختلافاتنا يفسح المجال أمامنا للحديث عنها بكل سهولة ويسر".
إدراك كنه الحوار
تناولت الجلسات موضوعات عدة أبرزها، مكافحة خطاب الكراهية على مستوى هذه المنطقة التي تشهد استخدامًا واسعًا لمنصات التواصل الاجتماعي ولا سيما الشباب، مما يسهل انتشار خطاب الكراهية.
ويوضح ميو لين سبب تسليط الضوء على قضية مكافحة خطاب الكراهية قائلاً: "ينتشر جنوب شرق آسيا ضمن قائمة أعلى المناطق في انتشار استخدام الإنترنت في العالم؛ لكون معظم سكانها من الشباب الذين ينشطون على وسائل التواصل الاجتماعي".
ومن هنا، على المشاركين إدراك معنى الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وكيفية استخدامه من خلال تعزيز المعارف والمهارات اللازمة.
وتشير شينتا بيرماتا ساري، مسؤولة قسم التعليم والشباب والرياضة في رابطة آسيان، إلى سهولة أن يسيء البعض فهم معنى الحوار وجوهره، قائلةً:
"كنت أعلم أن الحوار يهدف إلى مساعدة الناس على فهم بعضهم البعض، ولكن التدريبات ساعدتني في إدراك معناه الحقيقي. فالحوار في الحقيقة ليس تفاوضًا، وبالتالي، لن يسفر عن أي اتفاق أو قرار".
وختامًا، ترى شينتا أن استراتيجية الحوار هي إجراء عملي أكثر من كونها عملية موجهة نحو تحقيق نتائج معينة.
في عالم دائم التنوع، تفتح ممارسة الحوار طريقًا للسلام والتفاهم المتبادل. ويضطلع مركز الحوار العالمي - كايسيد -وهو منظمة حكومية…