من الأرجنتين إلى العالم: رحلة امرأة في رحاب الحوار بين أتباع الأديان
بعد مرور عقد على تأسيس برنامج كايسيد للزمالة الدولية، يمثل هذا الاحتفال فرصة للتأمل في الطريقة التي نتعامل بها مع من يراهم العالم مختلفين عنا.
أنا امرأة مسلمة، ورائدة أعمال. أعيش في بلد تُعد فيه ديانتي أقلية، وهو أمر لم يزعجني يومًا، لكن حيث لا تزال النساء يكافحن من أجل حقوقهن الأساسية في مجتمع ذكوري متجذر.
وُلدت ونشأت في الأرجنتين، هذه الدولة التي فتحت ذراعها للاجئين من الحرب والاضطهاد والمجاعة. أنا حفيدة مهاجرين من البرتغال ولبنان؛ في تاريخ عائلتي يلتقي البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي. بعضهم جاء حاملًا صلبانًا، وآخرون القرآن الكريم—لكن الجميع اتحدوا بإيمانهم بالله الواحد وبأملهم المشترك في حياة كريمة.
لطالما كنت فضولية. درست التصميم الداخلي، والعلاقات الدولية، والبروتوكول العربي-الإسلامي. في سن الثالثة عشرة، حلمت بأن يكون لدي نسخة من التوراة في منزلي. رغبت في التعلم من “الآخر”، حتى من أولئك الذين كانت مجتمعاتي تعتبرهم أعداء تاريخيين، والعكس صحيح. أردت أن أفهم، أن أستمع، أن أقترب من المجهول.
في سن الرابعة عشرة، انضممت إلى برامج حوار الشباب في الأرجنتين. وقد قادني هذا النشاط المبكر لاحقًا إلى واحدة من أكثر التجارب الحاسمة في مسيرتي المهنية: اختيارّي كزميلة في برنامج الزمالة لعام 2022 التابع لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار (كايسيد) في لشبونة بالبرتغال.
منحتني الزمالة شعورًا عميقًا بالمسؤولية، متمثلاً في جذوري، والتزامي بالدراسة في مؤسسة تهدف لتعزيز التفاهم بين أتباع الأديان، وفرصة التعلم من تربويين يمثلون كل منطقة وتقليد ومعتقد.
علمني كايسيد أن الحوار ليس مجرد فكرة مثالية، بل هو استراتيجية شجاعة وملتزمة بعمق. تعلمت من خلاله فن الاستماع الفعّال، وإدارة التوتر، والوعي العاطفي، والأهم من ذلك، أن الحوار مرتبط بالمجتمع والتضامن وبناء العلاقات الإنسانية.

لقد شكل العمل جنبًا إلى جنب مع أشخاص من معتقدات مختلفة في البرتغال والبرازيل وبوينس آيرس تجربة محورية ومُغيرة للحياة. وقد تبلورت من هذه التجارب الغنية مشروعان رئيسيان:
- السلام تصنعه النساء: مشروع تخرجي في كايسيد، الذي جمع نساء من معتقدات ومجموعات اجتماعية متنوعة لإعادة تعريف مفهوم السلام من خلال ترسيخ الأخوّة والقيادة النسائية.
-
بودكاست "ضع نفسك في مكان الآخر" (En tus Zapatos): أُطلق هذا البودكاست في عام 2023 بالشراكة مع صديقتي وزميلتي باربي زيفر، وهي امرأة يهودية. حقق هذا المشروع، الفريد من نوعه في مجال الحوار بين أتباع الأديان في أمريكا اللاتينية، نجاحًا لافتًا على التلفزيون والمنصات الرقمية، وأثبت أن الحوار القائم على الاحترام والتعاطف والإنسانية ليس ممكنًا فحسب، بل هو أساس للتعايش.
وقد اكتسب البودكاست بُعدًا جديدًا وعمقًا بعد الأحداث المأساوية في 7 أكتوبر. ففي الوقت الذي عززت فيه صداقتنا وحدتنا، كانت مجتمعاتنا تعيش حالة من الألم العميق. لقد وحّدنا الحزن على ما يجري في غزة ولبنان وإسرائيل، وهو حزن مشترك لا يقتصر على اليهود والمسلمين والمسيحيين، بل يلامس إنسانية الجميع.
كيف نحافظ على إنسانيتنا في خضم هذا الظلام؟
الإجابة تكمن في إيجاد مساحة نستطيع فيها الاستماع بصدق، مساحة مبنية على الأدوات التي اكتسبتها من تدريبات كايسيد، حيث أصبح الاستماع الفعّال أعظم حلفائي، والوقوف مكان الآخر سببًا من أسباب التعافي.
عندما يحاول خطاب الكراهية تقويض عملنا، أتذكر أن كايسيد دربني على بناء السلام، حتى في مواجهة العداء.
هذا هو الإرث الذي أحمله.
هذا هو العمل الذي أختاره.
هذا هو الطريق الذي سأواصل بناؤه.
وأخيرًا، أدعو الجميع، حتى أولئك الذين يشككون بالسلام أو يرون في الحوار مفهومًا قديمًا، إلى استكشاف فرص التدريب والزمالة التي يقدمها كايسيد. إن هذه التجربة تمس وجدان الإنسان، وتعيدنا إلى القيم الجوهرية المشتركة في تقاليدنا الدينية ونصوصنا المقدسة: التواضع والرحمة والنضال ضد الأنا. كما تذكرنا بأننا جميعًا مستخلفون في الأرض، وعلينا مد جسور التعاطف لكل إنسان على وجه هذه البسيطة.
كانت أول تجربة لمارسيلو باتر - الذي نشأ في مجتمع يهودي متماسك في بوينس آيرس بالأرجنتين - مع الصراع الديني والعرقي حين كان…
زادت حالات الإصابة بفيروس كوفيد -19 زيادة مفرطة في أمريكا اللاتينية، والسؤال هنا: ما احتياجات هذه المنطقة الأكثر…
