عادة ما يتأثر الشباب أكثر من غيرهم بأعمال العنف والصراع، ولكنهم غالبًا ما يقودون الجهود المبذولة لتضميد جراح مجتمعاتهم وإعادة بنائها.
جمعت ورشة عمل المركز الأخيرة في إسبانيا مجموعة من القادة الشباب لتدريبهم على القيام بهذه المهمة. وضمت شابًّا كولومبيًّا تحلى بالقوة الكافية؛ ليعفو عن عملية القتل الوحشي التي تعرَّض له عمه في حرب العصابات في بلده، كما تضم كشَّافًا من ميانمار يعمل على بناء جسور التواصل اللازمة بين البوذيين والمسلمين في بلده.
ألهمت قصص الشباب الذين تجمعوا في منتدى قرطبة للشباب خلال الفترة من 13 إلى 15 من مايو جميع الحضور.
شاركَنا كل شاب مشارك قصته الفريدة المليئة بالتحديات والانتصارات الشخصية والمبادرات الحوارية. وبمشاركة هذه القصص؛ اطلعنا على التحديات والآمال المشتركة واقترحنا طرائق للعمل معًا لتعزيز التعايش والحوار.
خسر كاميلو أيالا من كولومبيا (الناشط في مجال السلام)، عمه ومنزله؛ بسبب حرب العصابات الدائرة في مسقط رأسه. وعلى أثر عودته إلى البلدة نفسها لأول مرة بعد عدة سنوات؛ فضَّل أن يقابل قاتل عمه ويسامحه.
قال كاميلو: "أحاول تغيير رأي الجهات الفاعلة في النزاع الدائر في بلدي حتى يتمكنوا من التفكير في أنفسهم والبحث عن القواسم المشتركة بين مرتكبي العنف والضحايا، مستفيدين من فرصة نجاتهم من لهيب هذا الصراع".
"والآن، يمكن أن تمثِّل أنواع الاختلافات التي نحملها من الماضي، والتي أسهمت بدورها في إشعال فتيل الحرب والصراع، أساسًا لجعل مجتمعنا أكثر شمولية وانفتاحًا في المستقبل".
حالهُا حال الكثير من الحضور، تأثرت السيدة إنديواري مالكي ثوتاواتاج بهذه القصص واندمجت مع أقرانها بفضل تمارين الاستماع العاطفي. والسيدة إنديواري مواطنة سيريلانكية تعمل في مجال مبادرات التغيير، قالت: "أظن أن الإلهام هو أجمل ما نحصل عليه من مشاركة القصص، وهي تدفعنا أيضًا إلى أن نتعاطف ونضع أنفسنا مكان الشخص الآخر. إنها تؤدي إلى كسب تعاطف جماعي لمجرد العلم أن الشخص الذي أمامك قد سافر مسافة طويلة جسديًّا وعاطفيًّا ليكون في هذا المكان. والقصص تساعدنا كذلك على العمل معًا لتحقيق هدفنا المشترك المتمثل في السلام".
تلقت مجموعة مكونة من 30 شابًّا وشابة من 17 دولة تدريبات مكثفة على أيدي خبراء من مركز الحوار العالمي في مجال الحوار والوساطة والتيسير. وأعد المشاركون بدورهم توصيات للحكومات والقيادات الدينية والمجتمع المدني ستُقدَّم إلى المشاركين في منتدى قرطبة في الفترة من 15 إلى 17 من مايو. يجمع منتدى قرطبة السنوي أكثر من 100 ممثل عن الحكومات والمنظمات غير الحكومية والجماعات الدينية والمجتمع المدني.يكتشف هؤلاء القادة العالميون معًا طرائقَ لتعزيز التفاهم المتبادل والتضامن الاجتماعي في جميع أنحاء العالم.
وقال معالي الأستاذ فيصل بن معمر الأمين العام لمركز الحوار العالمي في كلمته أمام المشاركين في الندوة: "لقد جئنا بكم جميعًا إلى هنا؛ لأنكم تمثلون المستقبل، ولا أحد غيركم سيواجه التحديات التي خلَّفها جيلي..؛ طاقتكم ودوافعكم هي مصدر إلهام لنا، ونأمل منكم تقديم أفكار وحلول لكيفية تحقيق مستقبل أفضل لجيلكم والأجيال المقبلة لعالمنا".
وقال جاك موريون رئيس منتدى قرطبة: "لا بد أن تحقق هذه الندوة التي تقع ضمن نطاق خبرة مركز الحوار العالمي، نجاحًا كبيرًا، وخصوصًا مع حضور هذا الجمهور الشاب متعدد الثقافات.
لن يكون النجاح على مستوى الندوة فحسب، بل سينعكس أثره على فاعليَّات المنتدى كافَّة. "المشاركة الشبابية هي أساس هذا المنتدى. ولا أستطيع أن أتخيل قيام المنتدى بمعزل عن هذا النوع من المشاركة".