أنظمة الإنذار والاستجابة المبكرين هي أدوات فعالة لمنع الصراع وبدء الاستجابات في الوقت المناسب للحفاظ على سلامة المدنيين. يعزز مركز الحوار العالمي (كايسيد) برامجه بأنظمة الإنذار والاستجابة المبكرين من أجل بناء مجتمعات شاملة مسالمة.
تواجه الدول في جميع أنحاء العالم بعض أسوأ الأزمات الإنسانية في عصرنا هذا. ففي البلدان التي ينشط فيها مركز الحوار العالمي، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى وميانمار، أجبر الصراع العنيف عددًا مهولًا من الناس على ترك منازلهم، مما أدى إلى هجرة ملايين الأشخاص إلى شتى أنحاء العالم. أما في العراق ونيجيريا، فتكافح المجتمعات المشتتة لإعادة بناء أنفسها بعد سنوات من الصراعات المتواصلة.
من الممكن جدًا الحد من الصراع، ويتأتى ذلك فقط إذا كان المجتمع المدني والمجتمعات الدينية وصناع القرار مدركين للمؤشرات المبكرة للصراع، ثم نسقوا فيما بينهم استجابة موحدة. تشكل أنظمة الإنذار والاستجابة المبكرين آليات حاسمة مصممة خصيصًا لوقف العنف قبل أن يبدأ والحد من تأثير الصراعات على المدنيين.
ما دور أنظمة الإنذار والاستجابة المبكرين؟
ترصد أنظمة الإنذار والاستجابة المبكرين التغيرات السلوكية في المجتمعات، وتعتبر هذه الأخيرة مؤشرات لحالات الصراع المحتملة. واعتمادًا على عدد كبير من الجهات الفاعلة على المستويات المحلية والوطنية والدولية، تكون هذه الأنظمة أكثر فعالية عندما يحسن التنسيق بين الأفراد المتطوعين من المجتمع ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية والحكومات الوطنية والوكالات العالمية.
في المراحل الأولية، تُبنى شبكات الإنذار المبكر عادة على فهم الأسباب الجذرية للعنف، مثل انهيار الهياكل السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية. ويضمن المستجيبون المحليون الحصول على بيانات الوعي بالأوضاع وتحليلها بشأن التوترات بين المجتمعات المحلية ومخاوف الأمن والسلامة. كل هذا قد يشمل معلومات عن الاتجار بالمخدرات واضطرابات السلام وفساد قوات الأمن والعنف الجنسي وتدمير الممتلكات وحتى النزاعات الشخصية.
في المراحل النهائية، يصدر المستجيبون تحذيرات لصانعي القرار وغيرهم من الجهات المعنية، مع تحديد مدى خطورة التهديد، ثم تقديم توصيات للعمل. عندما تعمل أنظمة الإنذار المبكر والاستجابة المبكرة بشكل فعال، فإننا نمتلك القدرة على التأثير في صنع السياسات ودعم منع النزاعات وكذا بناء السلام.
أنظمة الإنذار المبكر والاستجابة المبكرة في جمهورية أفريقيا الوسطى ونيجيريا
في مطلع عام 2019، أطلق مركز الحوار العالمي وشريكه مركز كوكاه (Kukah) لجنة السلام الإقليمية للشمال الشرقي في نيجيريا لتدريب دعاة السلام الإقليميين على أنظمة الإنذار المبكر والدعوة إلى الانتخابات الخالية من العنف والوساطة. وكانت المجموعة، منذ تأسيسها في عام 2019، نشطة في الكشف عن إشارات الإنذار المبكر عبر الولايات الست في المنطقة الشمالية الشرقية، كما نشطت في تنسيق جهود الاستجابة على المستوى الإقليمي ومستوى الولايات.
وبعد أن أظهرت المؤشرات أن انتخابات فبراير قد تندلع في شكل عنف جماعي، قامت منصة الحوار بين الأديان من أجل السلام المدعومة من مركز الحوار العالمي بالتنسيق مع القيادات الدينية والمجتمعية بإصدار دعوة موحدة للسلام. وقد وصل الفيديو الذي انتشر على وسائط التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية الوطنية إلى ملايين الناخبين في جميع أنحاء البلاد. ثم أصبح استكشاف هذا النموذج التجريبي بشكل أكبر مطلبًا أساسيًا، وذلك لمعرفة كيف يمكن للمجتمعات الدينية أن تلعب دورًا نشطًا في أنظمة الإنذار والاستجابة المبكرين.
أما في جمهورية أفريقيا الوسطى، فقد طلبت وزارة المصالحة الوطنية دعم مركز الحوار العالمي للجان المحلية للسلام والمصالحة، وبذلك تضمن إدراج القيادات الدينية والمجتمعية في هذه المؤسسات. وتهدف هذه اللجان، التي تنشط على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية، إلى الحد من النزاعات بين المجتمعات المحلية وكذا العمل على تخفيف التوترات التي تهدد السلام والاستقرار.
في الآونة الأخيرة، نبهت المجالس المحلية في محافظة كيمو الجنوبية السلطات إلى التوترات المتزايدة بين مربي الماشية من قبيلة "فولهاني" Fulhani ومجموعة من الشباب المحليين. ونتيجة لذلك، وصلت بعثة خاصة من المسؤولين العسكريين والحكوميين إلى المنطقة للتوسط في الخلاف وردع العنف
ما التحديات التي تواجه هذه الأنظمة؟
تتطلب أنظمة الإنذار والاستجابة المبكرين مشاركة كل من الجهات الفاعلة المحلية والمسؤولين الحكوميين. ويحتاج القادة التقليديون والمنظمات الدينية، على وجه الخصوص، إلى أن يكونوا أكثر تعليماً ومشاركة في هذه الأنظمة؛ لأنهم غالباً ما يكونون على دراية تامة بالتهديدات على أرض الواقع. كما أن دعمهم أمر ضروري لمساعدة الحكومات والمنظمات الدولية على تنفيذ استجابات فعالة.
تتطلب أنظمة الإنذار والاستجابة المبكرين كفاءة بشرية ودعمًا سياسيًا ودرجة معينة من البنية التحتية التكنولوجية. ويحتاج أصحاب هذه المصلحة إلى التثقيف بشأن المؤشرات وآليات الاستجابة. كما ينبغي هيكلة لجان السلام مع المساءلة وأنظمة صنع القرار الواضحة. علاوة على ذلك، فإن الحاجة ملحة جدًا لأن تستثمر الحكومات في السياسات وثقافات الوقاية؛ لأن الإدارات العامة، التي أغرقها الصراع والفساد، غالبًا ما تكون غير فعالة في تنفيذ توصيات الاستجابة. وفي المناطق الأقل تطوراً، يمكن أن يؤدي الافتقار إلى التكنولوجيا والبنية التحتية إلى إعاقة التواصل والتعاون الواضح بين لجان السلام.