دور الدين والإعلام والسياسات في مناهضة خطاب الكراهية وتعزيز التعايش السلمي
في أكتوبر 2019، اجتمع أكثر من 200 من القيادات الدينية وصانعي السياسات وخبراء الإعلام في مدينة فيينا بالنمسا؛ لمناقشة قضايا خطاب الكراهية وكيف تعزيز الجهود الدولية والعمل المشترك مع أصدقائنا في وسائل الإعلام والحكومة والمجتمعات الدينية لمكافحة خطاب الكراهية. وفي نهاية المطاف، خرج مؤتمرنا "دور الدين والإعلام والسياسات في مناهضة خطاب الكراهية وتعزيز التعايش السلمي" بسلسلة من النتائج والتوصيات التي ستوجه كفة برامجنا طوال عام 2020، وستكون بمثابة دليل إرشادي تهتدي به المنظمات الدولية ومنظمات القيم الدينية وصانعي السياسات والقيادات الدينية.
تحقيقًا لغايتنا الرامية إلى تعزيز علاقات التعاون والشبكات الدولية، فإنه ينبغي علينا:
- حث القيادات الدينية ووسائل الإعلام على المشاركة في مكافحة خطاب الكراهية.
- تبادل أفضل الممارسات وتوثيقها، ومنها الروايات التاريخية للجهود والمبادرات في مكافحة خطاب الكراهية.
- تصميم برامج مخصصة للشباب لتعزيز القيم المشتركة بالتعاون مع منظومة الأمم المتحدة.
- تعزيز الحوار بين أتباع الأديان في فضاء وسائل التواصل الاجتماعي بوساطة دعم قدوات متنوعة دينياً.
- إطلاق برنامج جوائز لتشجيع المنظمات والأفراد العاملين في مجال مناهضة خطاب الكراهية.
بناء القدرات من أجل تحديد خطاب الكراهية وعلينا ومواجهته بوساطة:
- تدريب القيادات الدينية والصحفيين على أصول رد خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي.
- تدريب الشباب وتمكينهم من تبادل الرسائل الإيجابية ومعالجة خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي.
- وينبغي لممارسي الحوار والقيادات والمنظمات الدينية:
- الدعوة إلى الأخذ بالقواعد واللوائح والتدابير القانونية التي تمنع التمييز الموجَّه إلى المجموعات الضعيفة التسعة المحدَّدة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وضمان المواطنة المتساوية للجميع، بغض النظر عن انتمائهم الديني.
- التواصل مع صانعي القرار على مستوى السياسات وتشجيع صانعي السياسات على اعتماد القوانين ذات الصلة لمواجهة خطاب الكراهية مع ضمان التوازن الصحيح بين حرية التعبير وخطاب الكراهية.
- دعم الحكومات في مساعيها إلى وضع مبادئ توجيهية بشأن ترسيخ قيم المواطنة المشتركة وأخلاقياتها في المناهج الدراسية.
علينا نشر المعرفة وتعزيز التواصل بوساطة:
- البحث في الإحصائيات المتعلقة بحوادث خطاب الكراهية ورصدها وتوثيقها.
- تحديد المبادرات القائمة على مكافحة خطاب الكراهية على المستويين الدولي والإقليمي لتحقيق أقصى استفادة من الجهود والموارد.
- وضع مدونة لقواعد السلوك للصحفيين ووسائل التواصل الاجتماعي لمنع خطاب الكراهية.
- تطبيق ممارسات التعلم التأملي في نظامي التعليم النظامي وغير النظامي.
- إنشاء منصة ومؤسسة عالميَّتين لتبادل الأفكار بشأن الاعتدال والحوار والعمل يدًا بيد لتحديد خطاب الكراهية.
لمشاهدة صور المؤتمر، يرجى الضغط هنا
ما خطاب الكراهية وكيف يحرض على العنف؟
مع عدم وجود تعريف قانوني دقيق لـ"خطاب الكراهية"، فإنَّ الأمم المتحدة تعرِّفه عمومًا على أنه "أي نوع من أنواع التواصل، سواء أكان هذا التواصل بواسطة الكلام أم الكتابة أم السلوك، الذي يهاجم أو يستخدم لغة تحقير أو تمييز تشير إلى شخص أو مجموعة ما على أساس الهوية، بمعنى آخر، بناءً على الدين أو الأصل الاثني أو الجنسية أو العرق أو اللون أو النسب أو الجنس أو أي عامل هوية آخر". وما لم نتصدَّى لهذا الخطاب، فإنَّه يمكن أن يؤدي إلى وقوع أعمال عنف وجرائمَ كراهية ضد الجماعات المهمَّشة. ومع أن بعض التصريحات قد لا تحرض على العنف مباشرةً، فإنها يمكن أن تنشر بذور التعصب والغضب التي تؤدي إلى إضفاء الشرعية على أعمال الكراهية.
وفيما يتعلق بأعمال التحريض التي تؤدي إلى العنف، ينبغي أن تكون العناصر الآتية حاضرة: سياق يُفضي إلى العنف، ومتحدث مؤثر، وخطاب يُنشر على نطاق واسع، وجمهور متقبِّل ومتجاوب، وفئة مستهدَفة، (عادة ما تكون المجموعات المهمَّشة).
يمثل أي عمل تحريضًا على العنف عندما يعقد المتحدث العزم على الدعوة إلى استخدام العنف أو التسبب فيه، وثمَّة حاجة أيضًا إلى احتمال أن يؤدي هذا الفعل إلى العنف. وعليه، ومع أنَّ كل أعمال التحريض على التمييز أو العداوة أو العنف هي خطاب يحض على الكراهية، فإنَّه لا يمكن أن تُعَدَّ كل خطابات الكراهية تحريضًا.
ماذا عن حرية التعبير؟
حرية التعبير محمية بموجب القانون الدولي، انطلاقًا من حقوق واضحة منصوص عليها في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ومع ذلك، وافق المجتمع الدولي أيضًا على بعض القيود، مثل الخطاب الذي يدعو إلى "الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية" و "يمثل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف". وعلى هذا، فمن الأهمية بمكان أن تضع الحكومات أُطرًا قانونية سليمة بشأن خطاب الكراهية لمساءلة مرتكبيه، واحترام الكرامة الإنسانية، وحماية الجماعات المهمَّشة، وتحقيق التوازن بين حرية التعبير وخطاب الكراهية.
الدين باعتباره هدفًا للكراهية وحلًّا مأمولًا لها
بين عامي 2007 و2019، أبلغ مركز "بيو" للأبحاث عن زيادة كبيرة في الأعمال العدائية الاجتماعية التي تنطوي على الدين، ومنها العنف والمضايقات من جانب أفراد أو منظمات أو جماعات خاصة، وتجلت هذه الزيادة على نحو خاص في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وفي عام 2007، وثق مركز "بيو" تقارير من ست دول أوروبية عن حوادث "الاعتداء على الأفراد بسبب التعبير الديني الذي عُدَّ صورة من صور العنف أو التهديد". وبعد عشْر سنوات، ارتفع عدد الدول إلى 25 (من أصل 45 دولة في أوروبا). وقد تضمنت الحوادث المبلغ عنها هجمات وشتائم وإهانات ضد الجماعات اليهودية والإسلامية. في أثناء هذه الفترة الزمنية عينها، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مستويات أعلى من المضايقات الرسمية للجماعات الدينية موازنة بالمناطق الأخرى حول العالم. تقيس هذه الفئة أنواع المضايقات التي تتراوح ما بين العنف والتخويف إلى الإدانات اللفظية للجماعات الدينية وفرض الحظر الرسمي على بعض الجماعات.
إن القيادات الدينية عنصر جوهري في الحرب ضد خطاب الكراهية والتمييز، ولا سيَّما أنَّهما يقوضان قيم التنوع الديني والتعددية، ومن المؤسف كذلك أن نرى مظاهر إساءة استخدام الدين في بعض الأحيان لتبرير الأعمال العدائية والتحريض على العنف. وعلى هذا، فإنَّه من الأهمية بمكان أن تعمل القيادات الدينية كافَّة على إظهار قدراتها القيادية، وأن تكون أسوة حسنة لأتباعها.
ولأن القيادات والمنظمات الدينية تعملان بنشاط مع المجتمعات المحلية، فإنَّهما في وضع مناسب يؤهلهما للعمل كآليات للإنذار والاستجابة المبكرين وتنبيه السلطات إلى تصاعد التوترات بين الطوائف. ويجب أيضًا بذل مزيد من الجهود بهدف إشراك القيادات الدينية في هياكل برامج الإنذار والاستجابة المبكرين والعمل مع المسؤولين الحكوميين من أجل الوصول إلى استجابة استراتيجية منسَّقة.
مناهضة خطاب الكراهية ومنعه
مع أن السلطات الحكومية تتحمل المسؤولية الرئيسة عن منع التحريض وحماية أفرادها من الجرائم الوحشية، فمن واجب الجميع العمل على وقف خطاب الكراهية الذي يساعد على ارتكاب أعمال عنف وتشجيعها.
ثمة طرائق عديدة لمناهضة خطاب الكراهية ومنعه، ومن بينها:
- رفع مستوى الوعي بواسطة إجراء دورات تدريبية محلية وتثقيف الأصدقاء وأفراد العائلة بشأن مخاطر التمييز والتعصب.
- الإبلاغ عن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر الشائعات أو المعلومات الخاطئة.
- إغراق فضاء وسائط التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية بالرسائل الإيجابية الداعية إلى السلام والتسامح.
- دعم الأفراد أو الجماعات المعرضة لخطر خطاب الكراهية وتشجيع صانعي السياسات على اتخاذ إجراءات ضد اللغة أو السياسات التمييزية.
- استضافة ورش عمل بشأن الصحافة المراعية لظروف النزاع من أجل مساعدة الصحفيين على تطوير القدرات الأخلاقية لتحديد مصادر النزاع ونقل الأخبار نقلًا عادلًا ودقيقًا.
- تشكيل لجان للإنذار والاستجابة المبكرين على الصعيدين الوطني والمحلي لرصد خطاب الكراهية وصور التحريض على العنف الأخريات.