خلُص فريق من الخبراء في ختام اجتماعه يوم الثلاثاء 6 من يونيو إلى أن الدين والحوار بين أتباع الأديان لهما دور حاسم في تعزيز الاندماج الاجتماعي لمجتمعات المهاجرين واللاجئين في أوروبا.
وفي ذلك الاجتماع الذي عقد لمناقشة موجزات السياسات العامة الثلاثة الجديدة التي أصدرتها شبكة الحوار المدعومة من مركز الحوار العالمي "كايسيد"، انضم صانعو السياسات ومختصون في قضايا اللاجئين إلى القيادات الدينية، ومنها الشيخ ديفيد منير من الجمعية الإسلامية في لشبونة والدكتور لاكشمي فياس من المنتدى الهندوسي في أوروبا، لدراسة أفضل السبل لمعالجة استبعاد المهاجرين واللاجئين على الصعيد المحلي والوطني والأوروبي.
وانقسم المشاركون إلى ثلاث "جلسات فرعية" مواضيعية يقودها خبراء في الميدان وتركز على أحد الموضوعات الرئيسة الثلاثة للموجزات: التعليم وبناء الثقة وتغيير الخطاب السلبي بشأن الهجرة.
وبعد انتهاء ورشة عمل الخبراء، أعرب الأمين العام لمركز الحوار العالمي معالي الأستاذ فيصل بن معمر عن اعتزازه بإنجازات برنامج شبكة الحوار.
وقال ابن معمر: "إن شبكة الحوار، التي تضم أعضاء من ثلاثةَ عشَر بلدًا أوروبيًّا وما تزال تنمو أكثر فأكثر، فريدة من نوعها حقًّا، وإننا نؤمن بأن لديها إمكانيةَ أن تكون إضافةً ذاتَ قيمة لمجموعة الأدوات الأوروبية بشأن الهجرة والاندماج".
شبكة الحوار المدعومة من كايسيد تعزز الروابط بين الجهات الفاعلة الدينية وصانعي السياسات منذ عام 2019
ومنذ إنشاء الشبكة في عام 2019، عمل أعضاؤها بلا كلل على تشجيع الحوار المستمر بين الجهات الفاعلة الدينية وصانعي السياسات العاملين في قضايا اللاجئين والهجرة.
وقال ابن معمر للشركاء المجتمعين إن هذا التعاون أمر حيوي، لأن الدين ما يزال جزءًا مهمًّا من الحياة الأوروبية. وأضاف: "وخلافًا لتوقعات بضعة عقود مضت، فإن الدين لا يتراجع من حيث أهميته في الحياة العامة. ويبدو أن التعددية، وليس العلمانية، هي الأفق المستقبلي".
ولهذا السبب، فقد أكد ابن معمر في ملاحظاته الافتتاحية أنه ينبغي منح الجهات الفاعلة الدينية الفرصة من أجل العمل مع صانعي السياسات في كل مرحلة من مراحل صنع السياسات، ومنها اختبار مقترحات السياسات وتعزيز المشاركة وجمع الأدلة على التأثيرات.
وقد لقيت رسالة ابن معمر قَبولًا من الدكتورة أنجيليكي أروني، وهي صانعة سياسات من وزارة الهجرة واللجوء اليونانية وقائدة الجهود اليونانية الرامية إلى إدماج القاصرين المهاجرين غير المصحوبين بذويهم ودعمهم.
وقالت أروني: "إنه من القيم جدًّا أن نجمع منظمات القيم الدينية والعلمانية معًا.
وفي كثير من الأحيان، حين نعمل نحن صانعو السياسات في وزارات [حكومية]، فإننا ننسى الطفل "الكامل" وننسى الأبعاد التي وضعناها في هدفنا المتمثل في تنمية الجانب الجسدي والاجتماعي والعاطفي والفكري والأخلاقي والثقافي والروحي.
ولذا، فإن الحوار بين أتباع الديانات والثقافات مهم جدًّا. وبصفتنا صانعي سياسات، يتعين علينا أن نذكر أنفسنا بضرورة الدين والممارسات الدينية للأطفال والبالغين من أجل نموهم الروحي ومرونتهم".
وأضافت أروني أن الدين يمكن أن يمنح اللاجئين الشباب شعورًا بالانتماء والهُوية، وهو مهم بالتحديد لأولئك الذين فقدوا أحباءهم وكلَّ ما يشبه الحياة الطبيعية.
وإذ أشارت أروني إلى أن موجزات السياسات التي أعدتها شبكة الحوار قد "حددت الخطوط العريضة للتحديات"، فقد شددت على أهمية التآزر والتعاضد بين صانعي السياسات -مثلها- والمنظمات الشعبية بقولها:
"إنهما مترابطان ويدعم كلٌّ منهما الآخر، لكن لا يمكننا القيام بذلك دون عمل في الميدان".
وينطبق هذا الأمر بالأخص في مجال التعليم، كما قال بارموسيفيا سوبرايان المستشار الإقليمي لليونيسيف المعني بالتعليم في أوروبا وآسيا الوسطى.
الأطفال اللاجئون غالبًا ما يواجهون عدم كفاية الهياكل الأساسية التعليمية ورداءة نوعية التعليم
وممَّا يبعث على الأسى أنه في ظل العديد من الصراعات الإقليمية المستعصية وأزمة المناخ المتفاقمة، فإن نزوح الأطفال يزداد على الصعيد العالمي.
وقال سوبرايان: "نتيجة لهذا، لا يلتحق بالمدارس الابتدائية سوى قرابة 50% من الأطفال اللاجئين وأقل من 25% منهم بالمدارس الثانوية".
وكثيرًا ما تعني الظروف الرديئة في الفصول الدراسية ورداءة نوعية التعليم أن الذين تتاح لهم فرصة التعليم يحوزون نتائجَ دون المستوى المطلوب، وقد أشار سوبرايان إلى أن ذلك واقع فعلًا في أوروبا حيث تفتقر مراكز استقبال المهاجرين عادة إلى المرافق التعليمية الكافية.
وقالت إيميكو ناكا، ممثلة منظمة أريغاتو الدولية وعضوة شبكة الحوار التي لخصت نتائج الجلسة الفرعية بشأن التعليم، إن معالجة هذا الأمر تتطلب نهجًا شموليًّا. وأضافت، وهي تشير إلى تجارِب الخبيرين المشاركين في جلستها السيدة ماريا لوسيا أوريبي المديرة التنفيذية لمنظمة أريغاتو في جنيف وفريدريك سميتس مسؤول التعليم في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: "إنه من الأهمية بمكان تنفيذ برامجَ تعزز الشمولية عبر اتباع نهج مجتمعي يشارك فيه الآباء والمعلمون وغيرُهم في المجتمع الأوسع".
مع ذلك، فإن إشراك مرشدين مجتمعيين ليس سوى جزء من الحل. ولمعالجة المسائل المتعلقة بتعليم المهاجرين واللاجئين معالجة حقيقية، يجب تدريب المعلمين على فن الحوار بين أتباع الأديان والثقافات لردم الهوة بينهم وبين طلابهم الجدد وزيادة نتائجهم التعليمية عن طريق تأمين مجال أكثر أمانًا وتفضيلًا للتعلم.
ويرتبط بذلك انعدام الثقة بين المجتمعات المضيفة والمجتمعات المحلية للمهاجرين، وهو موضوع الجلسة الفرعية الثانية التي تحدث فيها الدكتور أمجد محمد سليم مدير البرامج في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر وداني دي توريس الخبير من مجلس أوروبا.
وقالت روسيتسا أتاناسوفا، من مركز المساعدة القانونية في بلغاريا، ملخصة نتائج الجلسة: "إذ إن هناك افتقارًا حقيقيًّا إلى الثقة بين المؤسسات وأفراد مجتمعات اللاجئين والمهاجرين، يتعين إيجاد نهج يبدأ من القاعدة إلى القمة وبدرجة أقل من القمة إلى القاعدة. وبهذه الطريقة، سيحدث تلاقي في مكان ما في المنتصف يساعد على تحديد مجال بناء الثقة والمشاركة".
ثم إن زيادة المشاركة بين المجتمعات المضيفة والمهاجرين من شأنها أيضًا أن تساعد على معالجة نقطة تركيز الجلسة الفرعية الختامية، ألا وهي إعادة صياغة الخطابات بشأن المهاجرين.
وقالت ديما محجوب من تحالف شبكات الشتات في برلين: "إن المهاجرين قد يشعرون بالخوف من التعامل مع السكان المحليين نتيجة افتقارهم إلى اللغة ونقص الدعم من هذه المجتمعات، وهذا ما قد يكون حاجزًا أمام شعورهم بأنهم جزء مهم من المجتمع".
ينبغي لصانعي السياسات أن يشجعوا بنشاط مشاركة المهاجرين واللاجئين في الحياة العامة بعد وصولهم
ولهذا السبب، يتعين على صانعي السياسات، المحليين والوطنيين، أن يضطلعوا بدور أكثر فاعلية في تشجيع مشاركة المهاجرين واللاجئين الوافدين في الحياة العامة. وقالت ديما أيضًا: "إن الاحتفال بطعامهم وثقافتهم سيكون نقطة مناسبة للبدء بها".
وختامًا، فإن موجزات السياسة العامة الثلاثة التي نوقشت بالأمس تمهد الطريق أمام المنتدى الأوروبي القادم للحوار بشأن سياسات المهاجرين واللاجئين (EPDF)، الذي من المقرر أن يعقد في شهر أكتوبر من هذا العام. وبفضل هذه الموجزات، ينبغي أن يُنظر إلى شبكة الحوار على أنها مسهم رئيس في السياسة العامة إلى جانب الشركاء في ميدان الهجرة، ممَّا يتيح مجالًا أكبر للحوار بين الجهات الفاعلة الدينية والمجتمع المدني مع صانعي السياسات.