لقد أكمل معالي الأستاذ فيصل بن معمر ولايته الثانية والأخيرة أمينًا عامًّا لمركز الحوار العالمي (كايسيد) هذا الشهر، وذلك بعد تسع سنوات من قيادة المنظمة. وفي الأيام الأخيرة من خدمته، وقع ابن معمر على اتفاق المقر الجديد للمركز في البرتغال ليضمن استمرار عمل المركز أعوامًا قادمة.
وألقى ابن معمر خطابه الأخير في المنتدى الأوروبي السنوي الثالث للحوار بشأن سياسات اللاجئين والمهاجرين في لشبونة، الذي استضافه كايسيد، فأعرب عن مشاعر الفرح والألم في ذات الوقت تجاه رحيله الوشيك. وقال:
"يشرفني أيَّما شرف أني خدمت هذا المركز الذي ألقى بظلاله الإيجابية على العالم من نافذة الحوار بين أتباع الأديان. ومن الطبيعي أن تختلط علينا المشاعر عندما نجد أنفسنا نغادر مكانًا أصبح في الواقع جزء منا".
وكان لابن معمر دور أساسي في إنشاء مؤسسة عالمية فريدة من نوعها وثابتة على مبادئها والمحافظة على استدامتها؛ إذ إن كايسيد في ظل قيادته تحول من مجرد رؤية لخادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- والبابا بنديكت السادس عشر إلى حقيقة واقعة.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وجَّه مجلس إدارة كايسيد المتعدد الأديان الشكر الحار والعميق إلى ابن معمر على خدماته الجليلة قائلًا: "إن مجلس الإدارة إذ يدرك قيمة تفاني الأستاذ فيصل ابن معمر الثابت وإخلاصه الجلي وحساسيته الاستراتيجية في خدمة أهداف كايسيد النبيلة، فهو يشيد أيضًا بجهوده التي قدمها خدمةً لمجلس الأطراف، الذي تحققت في ظل قيادته وإشرافه أهداف المركز في بناء جسور الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات في إطار أثر برنامجي عالمي واسع النطاق".
كذلك انتهت هذا الشهر ولاية نائب الأمين العام لمركز الحوار العالمي، السفير ألفارو ألباسيتي، بعد ثماني سنوات من الخدمة في المركز.
وقال ألباسيتي: "لقد كان هذا المنصب تتويجًا لائقًا لصلتي العميقة بالدبلوماسية وبين أتباع الأديان والعلاقات الدولية؛ إذ إن المركز هو تحقيق رؤية تاريخية ورمزية. وكايسيد ليس مجرد مبادرة إضافية بشأن نطاق التقارب بين أتباع الأديان والثقافات، بل إنه مبادرة اكتسبت صبغةً 'مشتركة بين الدول' مع وضع يسمح للمركز بالمشاركة في النشاط 'الحكومي' عبر التعاون مع المنظمات ذات الاهتمام المشترك".
بدأت المسيرة بمركز حوار متواضع وفريق عمل صغير، ومع ذلك، فقد بذلت القيادة السابقة جهودًا كبيرةً عبر تعزيز قدرات المركز ووصل أثره إلى الآلاف في جميع أنحاء العالم. وقد حقق المركز في ظل تلك القيادة إنجازات عديدة وكبيرة، أبرزها:
ترأس حفل افتتاح كايسيد في عام 2012، الذي استضاف الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون وقيادات دينية متنوعة رفيعة المستوى لإظهار الدعم البالغ لأهداف المركز.
وقبل قيادته كايسيد، عزز ابن معمر التسامح بين أتباع الأديان وبنى التفاهم بين أتباع الثقافات عبر تأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني (KACND) وإدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة (KAPL) في الرياض. وبعد ثلاث سنوات من إشرافه على تأسيس هذه المكتبة، أشرف على إنشاء الفهرس العربي الموحد للمكتبات في المملكة العربية السعودية والعالم العربي (AUC)، وهو المنصة الرقمية الأولى من نوعها في العالم العربي. واليوم، أضحى لهذه المنصة أكثر من 1.2 مليون سجل ببليوجرافي (مرجعي).
وقبل الانضمام إلى كايسيد، كان السفير ألباسيتي، من ناحية أخرى، سفيرًا متجولًا يُعنى بالحوار بين أتباع الأديان والثقافات في وزارة الخارجية الإسبانية. وقد عمل أيضًا في المفوضية الأوروبية في البوسنة والهرسك وفي مصرف التنمية للبلدان الأمريكية في الأرجنتين وبوليفيا وبنما والباراغواي ودربته كلية كينيدي للدراسات الحكومية بجامعة هارفارد على قيادة الأداء الحكومي وكان أيضًا أستاذًا ضيفًا في المدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا، فضلًا عن أنه شغل مناصب متنوعة في وزارة خارجية إسبانيا منها رئيس شعبة شؤون الأمم المتحدة ومدير الشؤون البرلمانية ونائب مدير مجلس الوزراء وسفير.
وبدءًا من الأول من نوفمبر هذا العام، سترأس سعادة الأستاذة إلهام الشجني المنظمة بصفتها نائبة الأمين العام بالإنابة. وكانت الأستاذة الشيجني، مديرة الإدارة التنفيذية في المركز، تعمل مع كايسيد منذ عام 2016 وجلبت معها أكثر من 24 عامًا من الخبرة إثر العمل مع جامعة الدول العربية وتوليها مجموعة من المناصب، كان آخرها ترأس إدارة قسم حقوق الإنسان فيها.