برزت مكافحة اللامساواة، لا سيما في أوقات تفشي الجائحة ومحاولات القضاء على الاتجار بالبشر، على جدول الأعمال أمس حيث اجتمع افتراضيًا العشرات من القيادات الدينية وممثلي المجموعات –التي تتخذ من أمريكا اللاتينية مقرًا لها- والمنظمات الحكومية الدولية وكبار صانعي السياسات والخبراء لتقديم التوصيات قبل انعقاد منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين.
وسيُبث المنتدى عبر الإنترنت من العاصمة الرياض، المملكة العربية السعودية في الفترة من 13 إلى 17 أكتوبر، مع العلم أن باب التسجيل لا يزال مفتوحًا.
عرض الاجتماع الافتراضي أمس التوصيات المُقدمة من أربع مجموعات عمل كُلفت بدراسة كيفية مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية وتحسين الحوكمة وحماية مناخ أمريكا اللاتينية والأنظمة البيئية المتنوعة. وقد قدمت إحدى مجموعات العمل أيضًا عددًا من التوصيات الرئيسة حول كيفية استجابة دول مجموعة العشرين للتحديات التي تفرضها جائحة كوفيد-19 الحالية.
في الوقت الذي أودت فيه جائحة كوفيد-19 بحياة 900 ألف شخص على مستوى العالم وكشفت النقاب عن هشاشة أنظمة الحوكمة في جميع أنحاء العالم، لم يتوقف الأمر على هذا القدر بل أدت هذه الجائحة أيضًا إلى تعميق صور اللامساواة القائمة في جميع أنحاء بلدان أمريكا اللاتينية وهي المنطقة التي بها أكبر عدد من الإصابات في العالم.
وفقًا للتقارير الصادرة مؤخرًا، تجاوزت عدد الإصابات بفيروس كوفيد-19 في أمريكا اللاتينية حاجز الـ 8 ملايين حالة على الرغم من وجود مؤشرات تدلل على بطء انتشار الفيروس في بعض البلدان. وفي الآونة الأخيرة، انخفض المعدل اليومي للحالات في المنطقة إلى 67173 حالة مقارنة بـــ 80512 حالة في الأسبوع السابق. وقد عانت البرازيل، إحدى أعضاء مجموعة العشرين، من أسوأ تفشي للجائحة في المنطقة حيث سجلت 4.2 مليون إصابة وأكثر من 128 ألف وفاة حتى الآن.
وقد كان لفيروس كورونا تأثير فادح على اقتصادات أمريكا اللاتينية حيث تسبب في أكبر انحسار مالي في الذاكرة الحية. وفي هذا الصدد، قالت البروفيسور كاثرين مارشال، عضو المجلس الاستشاري لمنتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين: "إن عام 2020 هو عام استثنائي بالنسبة لنا جميعًا، وقد شكل تحديًا وتحولًا مشهودًا في مسار مجموعة العشرين. وهذا واقع يشهده ويقره قادة قمة منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين؛ فجائحة كوفيد-19 تعمل على إعادة تشكيل الأجندات المثالية التي حُددت في وقت مبكر من العام على نحوٍ يضع التفاوتات الصحية في المقدمة مع غيرها من القضايا بدءًا من قضية تغير المناخ وقضية القطاع غير الرسمي وصولًا إلى قضية التعليم والتكنولوجيا".
حضر الاجتماع السفير غييرمو رودولفو أوليفيري، أمين وزارة الأرجنتين للشؤون الخارجية والتجارة الدولية وشؤون العبادات، وقال: "في خضم هذه الإشكالات مثل تلك التي نعيشها الآن في العالم، يتعين على الحكومات أن تكون على استعداد للتعاون الدائم مع المجتمعات الدينية؛ لأنه بوسعها الاضطلاع بمهام اجتماعية لا غنى عنها، فضلًا عن قدرتها على تقديم سبل الرعاية الروحية".
أثناء تقديمه للتوصيات المتعلقة بقضية تغير المناخ، سلَّط إلياس شتشيتنيكي، مدير المكتب الإقليمي "لمنظمة أديان من أجل السلام" في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، الضوء على مثال واقعي يعكس مساهمة المجموعات الدينية في القضايا العالمية، وقال: "تُنفذ مبادرة متعددة الأديان في بيرو وكولومبيا والبرازيل لحماية الغابات، وهذه المبادرة تبرهن على استجابات المجتمعات الدينية العملية لهذا التحدي الهائل". وفي سياق الحديث عن المخاطر التي تواجهها منطقة الأمازون التي تشترك فيها 9 دول في المنطقة والتي تعد موطنًا لأكبر تنوع بيولوجي على كوكب الأرض، شدد شتشيتنيكي على أن سلامة الغابات والأراضي والنظم البيئية هي من سلامة البشر أنفسهم. ورمت إحدى توصيات هذه المجموعة إلى حث الحكومات المحلية على تعزيز الإدارة البيئية بالمشاركة مع المجتمع المدني بُغية حماية غابات الكوكب والحفاظ عليها والنظم البيئية المحيطة والشعوب الأصلية بصفتهم الأوصياء الطبيعيين عليها.
توصيات أمس التي قدمها كل من خورخي كنوبلوفيتس ورئيس وفد الرابطات اليهوديّة الأرجنتينيّة "DAIA". وخوان نافارو فلوريا (المجلس الأرجنتيني للحرية الدينية "CALIR") وإيلينا لوبيز روف (مركز الاستشارات والخدمات المسكونية الإقليمية "CREAS") إلى منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين تضمنت اعتماد تدابير تهدف إلى القضاء على الاتجار بالبشر ومكافحة الفساد. ومن جملة التوصيات الأخرى إضفاء الطابع المؤسسي على مستوى الحوكمة العالمية والتنقيب عن آليات تعاونية جديدة تسهل إشارات الإنذار المبكر وتعزز الشفافية وتبادل المعلومات بين مختلف المناطق لمعالجة المشكلات ذات التأثير العالمي، مثل تفشي جائحة ما.