في قلب أبوجا بنيجيريا، أقيمت يومي 27 و28 من فبراير 2024 فعالية رائدة تمثل خطوة كبيرة نحو حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان في غرب إفريقيا؛ إذ أُطلق رسميًّا برنامج حوار المواطنين على المستوى الإقليمي RCDP، وهو مبادرة ترمي إلى منع التغييرات غير الدستورية للحكومة في المنطقة والاستجابة لها. وبقيادة المعهد الوطني للسياسات والدراسات الاستراتيجية NIPSS وبدعم من الشريك الأساسي للمبادرة مركز الحوار العالمي - كايسيد، استقطبت هذه المبادرة ائتلافًا متنوعًا من مراكز الفكر ومنظمات المجتمع المدني والممثلين الدينيين والشركاء من جميع الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ECOWAS لتحقيق هدف مشترك: تعزيز أسس الديمقراطية وإرساء السلام والأمن في جميع أنحاء غرب إفريقيا.
وكان الاجتماع الافتتاحي للبرنامج أكثر من مجرد تجمع؛ إذ إنه كان دليلًا على قوة الجهد التعاوني في مواجهة عدم الاستقرار السياسي والتهديدات للتقدم الديمقراطي. ولم يهدد الارتفاع المفاجئ في عدد المجموعات المسلحة في السنوات الأخيرة الاستقرار السياسي للمنطقة فحسب، بل إنه قوض الإنجازات في إرساء الديمقراطية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف أيضًا. ولقد كان دور كايسيد في هذه الشراكة دورًا محوريًّا، إذ إنه لم يقدم التمويل فحسب، بل أتاح أيضًا منصة لتبادل المعرفة والحوار وأدرج الجهات الفاعلة الدينية بصفتها شريكًا مهمًّا لزيادة فاعلية المبادرة.
وقال السيد أغوستين نونيز، مدير برامج كايسيد في منطقة إفريقيا، إن «هذا الاجتماع يدل على معلم تعاوني في سعينا لحماية المعايير الديمقراطية في غرب إفريقيا»، مشددًا على التزام المنظمة تيسير الحوار والتفاهم عبر مجموعات متنوعة. ولا يتمثل الهدف الرئيس للبرنامج في منع التغييرات غير الدستورية للحكومة والاستجابة لها فحسب، بل يتمثل كذلك في إنشاء لجنة توجيهية تقود عملية تنفيذ خطة عمل قوية مصمَّمة خصيصًا لمعالجة هذه المسألة الملحة.
ويسعى المؤتمر إلى توحيد جهود الأطراف ذات الصلة لاستباق التغييرات غير الدستورية للحكومة ومعالجتها، مع إنشاء آليات الحوكمة والإشراف اللازمة في نفس الوقت. وكانت نتائج الاجتماع مهمة جدًّا، إذ إنها أرست أساسًا قويًّا لمساعي برنامج حوار المواطنين على المستوى الإقليمي المستقبلية. وشملت الإنجازات الرئيسة الشروع رسميًّا في إنشاء اللجنة التوجيهية للبرنامج واعتماد وثيقة البرنامج والميزانية المرتبطة بها وصياغة خطة عمل لتنفيذ المشروع مدتها سنة واحدة. وقد استُكملت هذه الإنجازات بخطط لتعزيز جهود التمويل وتعبئة الموارد، وهي عناصر حاسمة لاستدامة البرنامج.
وسلط الدكتور جوناثان ساندي، رئيس مجموعة السلام والأمن التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الإفريقي، الضوء على الآثار الأوسع للمبادرة قائلًا: "لا يتعلق الأمر بمنع التغييرات غير الدستورية في الحكومة وحسب؛ بل إنه يتعلق أيضًا بضمان سماع أصواتنا، أصوات مواطني غرب إفريقيا، وتقديرها في العملية الديمقراطية". ويجسد هذا البيان جوهر مهمة برنامج حوار المواطنين على المستوى الإقليمي: تمكين المواطنين وتعزيز الحوار ودعم مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون.
ومع اختتام الاجتماع بمؤتمر صحفي مشترك وإصدار بيان يحدد النتائج والتوجهات المستقبلية، ساد إحساس مشترك بالإنجاز والتفاؤل. ويستعد برنامج حوار المواطنين على المستوى الإقليمي، مع شريكه الأساسي كايسيد، لإحداث تأثير دائم في المنطقة ودعم الديمقراطية والسلام في مواجهة التحديات. ولقد بدأت الرحلة للتو، لكن الطريق إلى المستقبل واضح: متحدون ومؤمنون بأن شعب غرب إفريقيا قادر على حماية مؤسساته الديمقراطية وتأمين مستقبل مفعم بالسلام والاستقرار والازدهار.
وفي خضم الاستيلاء العسكري على السلطة والاضطرابات السياسية التي ألقت بظلالها على الإنجازات الديمقراطية في المنطقة، كان لتمويل كايسيد والتوجيه الاستراتيجي دور محوري في إرساء الاستقرار في المنطقة. ويعمل برنامج حوار المواطنين على المستوى الإقليمي بصفته منصة لمواطني المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا للتعبير عن مخاوفهم والإسهام في تقديم حلول مستدامة. وإذ يمضي البرنامج قُدمًا، يتضح تماشيه مع تطلعات الاتحاد الإفريقي وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. وبتعزيز بيئة الحوار والتعاون بين جميع قطاعات المجتمع، ومنها الجهات الفاعلة الدينية، لا يعالج كايسيد التهديدات الفورية للديمقراطية فحسب، بل هو يرسي أيضًا الأساس للسلام والاستقرار على المدى الطويل في غرب إفريقيا. وهذه المبادرة هي مثال حي يوضح كيف يمكن للجهود التعاونية أن تتجاوز العوائق وتنشئ تحالفًا متنوعًا من مراكز الفكر ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدينية والشركاء الدوليين ذا موقف موحَّد لمواجهة التغييرات غير الدستورية للحكومة.