"إذا كنت ترغب في إحداث تغيير في السياسة المتعلقة باللاجئين والمهاجرين في أوروبا، عليك أن تعمل بجد وتعرض أفكارًا جريئة"، هذا ما قاله أعضاء شبكة الحوار المدعومة من كايسيد الذين حضروا أنشطة تفاعلية استمرت ثلاثة أيام في مدينة كو بسويسرا في نهاية الأسبوع الماضي.
ومع أوراق الملاحظات اللاصقة الملونة على لوحات الرؤية والرسوم البيانية المليئة بتحليلات نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات SWOT، قدم 19 مشاركًا من جميع أنحاء أوروبا أفضل الممارسات والحلول الجديدة لتحسين الاندماج.
وكانت الأنشطة التفاعلية هي الأحدث في سلسلة اجتماعات الشبكة النصف سنوية التي تضم أعضاء وشركاء من 25 منظمة لها تاريخ عريق في مجالي مساعدة اللاجئين والحوار، ومنها وكالة التنمية والإغاثة السبتية أدرا ومنظمة أريغاتو الدولية والهيئة اليسوعية لخدمة اللاجئين JRS والجمعية العبرية لمساعدة المهاجرين في أوروبا HIAS Europe ومنظمة الإغاثة الإسلامية والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر(IFRC).
وفي حين ركزت اجتماعات الشبكة تقليديًّا على ورشات لبناء القدرات بشأن موضوعات مثل كتابة الدعم وصياغة ورقات السياسات، قال يوهانس لانجر، مدير برنامج المنطقة الأوربية في كايسيد، إن هذه الأنشطة التفاعلية دفعت المشاركين إلى توسيع فهمهم للحوار.
وفي الجلسات اليومية، دعا البروفيسور باتريس برودور -كبير مستشاري كايسيد- المشاركين إلى استخدام الحوار لمجابهة التحديات التي يواجهها العديد من اللاجئين والمهاجرين في المجتمعات المضيفة لهم، إذ يمكن للحوار أن يساعدنا على استكشاف هُويات متعددة بطريقة مريحة -على سبيل المثال، معرفة كونها عربية أو أوربية- وهو يمكننا أيضًا من مواجهة التحيزات القائمة على مفهوم التداخل، مثل كون الشخص مسلمًا أو امرأة.
وقال هيثم كامل بدوي، مدير جمعية التدريب والتوعية في لوكسمبورغ (Formation et Sensibilisation de Luxembourg–FSL): "لقد بات الحوار ضروريًّا في العالم الحالي لأنه قادر على معالجة التحديات الكثيرة التي نواجهها".
ومن دون الحوار، يمكن للاجئين أن يشعروا بالضياع في الثقافة والبيئة الاجتماعية للمجتمعات المضيفة الجديدة، ممَّا يؤدي إلى حرمانهم حقَّ التصويت وإرساء الأساس للتطرف في الحالات القصوى.
وقال جون راسموسن، مستشار التنوع والإدماج في المنظمة العالمية للحركة الكشفية (WOSM): "إن موضوعات الورشات تعين أعضاء الشبكة على تحديد نقاط القوة في عملهم مع اللاجئين ومعرفة متى يحتاجون إلى دعم خارجي".
وأضاف راسموسن: "وفي نهاية الأسبوع الماضي، تمكنَّا بفضل توجيهات كايسيد من فهم كيفية دمج الحوار في جوانب عملنا كافَّة، وهذا جعلنا أفرادًا أفضل وجعل الشبكة أقوى وأكثر تماسكًا وترابطًا".
على مدار الأيام الثلاثة، أتيحت للمشاركين الكثير من الفرص لتجاوز الحوار بصفته "نظرية" والابتعاد عن مناقشات الفصول الدراسية وتجربة مباهج بناء العلاقات.
ولم تقتصر جولات الحوار والمشي في الطبيعة برفقة مرشدين وجلسات الطهي المشتركة بين أتباع الثقافات على التقريب بين أعضاء الشبكة وحسب، بل كانت بمنزلة أمثلة عملية لمبادرات الحوار التي يمكن تنفيذها فورًا في المجتمعات المحلية.
وسمح عرض فيلم The Swimmers -الذي يستند إلى القصة الملهمة لشقيقتين فرتا من الحرب في سورية ونجتا من معبر بحري خطير للوصول إلى الألعاب الأولمبية- للمشاركين في الأنشطة التفاعلية بالتفكير في المهاجرين ومعاناتهم وآلامهم. وبعد انتهاء الأنشطة التفاعلية، ستُمنح أدوات العشاء المصنوعة في ورشة الفخار لمنظمتين في سويسرا تزودان أسر اللاجئين بالأدوات المنزلية وغيرها من صور الدعم.
وقال لانجر: "كانت مدينة كو المكان المثالي للأنشطة التفاعلية، إذ ارتبط أعضاء الشبكة بالطبيعة واستكشفوا مجالات إبداعهم وحصلوا على دفعة من الطاقة لعملهم مع اللاجئين والمهاجرين في مجتمعاتهم المحلية ومن أجلهم".
وفي حين منحت الأنشطة أعضاء الشبكة لحظة من المرح والاسترخاء، فقد ساعدتهم تعليمات الحوار الموجَّهة على إجراء محادثات عميقة واستكشاف المجالات المحتملة للتعاون.
وقالت إيزابيل توتيل، المؤسسة المشاركة ومديرة العمليات في منظمة ميرو أبرير كامينو، وهي منظمة إنسانية مقرها البرتغال تعمل مع المهاجرين واللاجئين: "إنه لأمر مدهش حقًّا أن تشعر بأنك أقرب إلى أعضاء الشبكة الآخرين، وأنا أشعر في كل مرة ألتقي بهم بأنني في منزلي لأننا نبني علاقات شخصية ومهنية قوية ومتينة".
وبيَّن لانجر أن جو المجتمع في أثناء الأنشطة التفاعلية كان واضحًا ومحسوسًا، إذ بقي المشاركون فترة طويلة بعد انتهاء جلسات الاجتماع مع بعضهم بعضًا لمواصلة مناقشاتهم، وأعرب أيضًا عن سروره لرؤية أحدث عضوين في الشبكة يندمجان بسلاسة في المجموعة.
The retreat was the latest in the Network for Dialogue series of biannual meetings which convene members and partners from 25 well-established refugee aid and dialogue organizations (LeighAnn Shafiq/KAICIID)
كان للعلاقات التي أقيمت في غضون اجتماعات الشبكة غرض استراتيجي في نهاية المطاف، إذ سيدعم لانجر وزميلته ألكساندرا دجوريتش ميلوفانوفيتش، منسقة مشروع شبكة الحوار، الأعضاء من أجل التعاون في مشروعات مشتركة على مدار العام.
وقبل هذا الاجتماع -كما قال لانجر- أصدرت الشبكة دعوة جديدة لتقديم طلبات لمشروعات الدعم الصغيرة وأوضحت أن هذه المبادرات ينبغي أن تستند إلى التوصيات الواردة في موجزات السياسات التي يصدرها أعضاء الشبكة عقب كل منتدى سنوي للحوار بشأن السياسات الأوربية الخاصة باللاجئين والمهاجرين، وتتراوح موضوعات المبادرات بين تحسين التعليم وتعزيز التماسك المجتمعي وبناء شراكات بين الشركاء المتعددين وما إلى ذلك.
وقال لانجر أيضًا إنه في أثناء الأنشطة التفاعلية، حدد العديد من الأعضاء فعلًا مجالات التعاون المحتملة وكانوا متحمسين لمناقشات مقترحات الدعم المشتركة.
وسوف يجتمع أعضاء الشبكة مرة أخرى من أجل حضور ورشة إلكترونية لبناء القدرات في نوفمبر المقبل ستعقد على هامش المنتدى الأوروبي للحوار بشأن سياسات اللاجئين والمهاجرين في روتردام.
وختامًا، قالت ميلوفانوفيتش: "لقد سمحت الأنشطة التفاعلية هذه لأعضائنا بتجربة التعلم العميق وتبادل الأفكار الجديدة مع بعضهم بعضًا وكذلك التخطيط للخطوات القادمة للشبكة. ولهذا، فإني فخورة جدًّا برؤية كيف تستمر الشبكة في النمو بفضل اجتماعاتنا المنتظمة".