بعد أن قضى طفولته المبكرة معجبًا بألبرت أينشتاين قبل أن يذهب لدراسة علم ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقيا) والهندسة الكيميائية وهندسة العمليات في الجامعة، نشأ سوامي تشيداكاشاناندا مقتنعًا بأن العلم بوسعه إنهاء كل المعاناة الإنسانية. ولكن بعد سنوات من البحث عن طرائقَ علمية كفيلة بالإجابة عن سبب وجود الإنسان وعدم العثور على أي طريقة تمنحه إجابة شافية، بدَّل رأيه عوضًا عن ذلك إلى دراسة روحانية فيدانتا، وهي مدرسة من ست مدارسَ للفلسفة الهندوسية.
واليوم، أضحى سوامي راهبًا هندوسيًّا وأحد أهم المعلمين الروحيين في بعثة تشينمايا في جانا شمال سيريلانكا.
وفي حدث تدريبي لأتباع الأديان في كولومبو، اطَّلع على برنامج كايسيد للزمالة الدولية وقدَّم على الفور طلبًا للانضمام إليه. ومنذ ذلك الحين، يعمل سوامي مع خريجي برنامج الزمالة الآخرين الموجودين في سيريلانكا من أجل تنسيق الأنشطة المحلية.
وقال سوامي إنه وزملاءه معنيُّون بتزايد المخاطر على الشباب، مثل خطاب الكراهية على الإنترنت. وأضاف: "عندنا راهب بوذي معروف، على سبيل المثال، يلقي خطابات تحط من شأن المكونات المجتمعية الأخرى، سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين أم هندوسيين، وقد أدلى حديثًا ببيان اقترح فيه تشكيل حكومة أحادية الدين بعد الانتخابات المقبلة".
وبعد أن شاهد الزملاء السيريلانكيون الأضرار التي لحقت ببعض المجتمعات المحلية نتيجة تعرضهم للنقد اللاذع على الإنترنت، عقدوا ورشة عمل مدتها يوم واحد في الربع الأول من عام 2020 استهدفت الناس من جميع أنحاء الدولة الجزرية وأسهم فيها مركز الحوار العالمي "كايسيد" بمبادئ توجيهية ومحتوى استُخدما لإصدار إرشادات توضح ماهية خطاب الكراهية على الإنترنت وكيفية الحد منه.
ولقد كانت الحاجة ماسَّة إلى مبادرة كهذه، وذلك نظرًا إلى أن التوترات تصاعدت بسبب الخطاب التحريضي الذي نشرته كبرى القيادات الدينية بحق أشخاص من مختلِف الأديان. ولقد دُنس أيضًا عدد من الأماكن الدينية الهندوسية، ممَّا دفع أتباع الأديان من المكونات المجتمعية كلها في سيريلانكا -المسلمين والمسيحيين والهندوس- إلى البحث بسرعة عن وسائلَ سلمية لتهدئة الصراع. وإلى جانب مشروعه لمكافحة خطاب الكراهية مع خريجي برنامج الزمالة الآخرين، يعمل سوامي مع القيادات الدينية في جانا لإتاحة التدريب على الحوار بين أتباع الأديان وهو يدرِّس أيضًا منع نشوب الصراعات وتحقيق المصالحة. وفي حين أن الموضوعات التي يدرِّسها سوامي جديدة على الرهبان البوذيين والقساوسة المسيحيين، فإنه عازم على تعزيز الشهرة الضعيفة والفهم المحدود للحوار بين أتباع الأديان في جزئه المعني به من سيريلانكا.
ويؤمن سوامي بأن الانتقاص من القيمة الحقيقية لعمل أتباع الأديان يأتي من ندرة النتائج الحقيقية للمصالحة داخل المجتمع، وأضاف قائلًا: "كثيرًا ما تخشى المجموعات الدينية في سيريلانكا أن العمل المشترك يعني أن هُوياتها معرضة للخطر. وبجانب هذا، يرى الكثيرون أن الأديان الأخرى مرتبطة ببعض وجهات النظر السياسية".
وإذ أثنى سوامي على تجرِبة برنامج الزمالة في إحداث تغيير ملحوظ في سلوكه الشخصي ونمط تفكيره، فإننا الآن بتنا نراه عندما يلقي الآخرون خطاب كراهية بحق مجموعة دينية أو عرقية أخرى يدعو إلى التفكير في مبادئ الحوار قبل توجيه أي رد أو القيام بأي ردة فعل.
وفي معرض شرحه للتغيير الذي طرأ على نهجه، قال سوامي: "عندما تتحدث اليوم بعض القيادات الدينية أو غيرها بكلام غير صحيح، فإن الفضل في معرفتي الطريقة التي أتلقى بها تلك الرسالة وكيف أحول ذلك الخلاف إلى حوار أو كيف أتعامل مع ذلك الموقف يعود إلى تدريب كايسيد".
وفي حين أن نطاق اتصالات سوامي قاده إلى فهم معزول للدين، فإن برنامج الزمالة أتاح له الفرصة للالتقاء بقيادات دينية من جميع أنحاء العالم وإقامة صداقات حقيقية مع "الآخر"، كذلك فإن التواصل وروح الزمالة يسمحان له باتخاذ نظرة عالمية إزاء المشكلات والنظر إلى ما وراء مجتمعه المحلي لفهم تأثيراتها والبحث عن حلول ناجعة لها.
وحاليًّا، يعمل سوامي على وضع خطة مدتها ثلاثون عامًا تمثل رؤيته المشرقة لمستقبل الأمة. وانطلاقًا من جانا، سوف يركز على الشباب ويعمل على إنجاز مُهمته ليس بصفته قائدًا دينيًّا فحسب، بل بوصفه مرشدًا اجتماعيًّا ومعالجًا مجتمعيًّا أيضًا. وبدءًا من عام 2020، شرع في رسم ثلاث مراحل متتالية مدة كل مرحلة منها عشر سنوات حتى عام 2050 من أجل خطة وطنية تتيح لشباب سيريلانكا أن يتعلموا تجرِبة الحوار بين أتباع الأديان ويعيشوها.
وعبر هذا التدريب، يستهدف سوامي معالجة المسائل الحاسمة التي تكمن في تلاقي هُوية معيَّنة مع هُوية أخرى. فمثلًا، هل يعني بناء معبد بوذي أن موقعه الآن ينتمي إلى البوذية؟ وما مراسم الدفن التي ينبغي اتباعها عند وفاة قائد ديني؟ وما العوامل التي ينبغي السماح لها بالتأثير في ذلك القرار؟ إن هذه التساؤلات هي جوهر التعافي بين أتباع الأديان الذي يرى سوامي الحاجة الكبيرة إليه في جانا، ولا يمكن فهم الإجابات وقَبولها عالميًّا إلا عن طريق رؤية طويلة الأجل ونظرة حوار شاملة.
وختم سوامي الحديث قائلًا: "لدي رؤية واضحة في ذهني. وهذا العام، سآخذ تلك الرؤية وأخطط لها وأعدلها وأحولها إلى مُهمة".