احتفاءً باليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية، اجتمعت الأسبوع الفائت قيادات عالمية من المنظمة العالمية للحركة الكشفية، سعيًا لتبيان أهمية استخدام الحوار في وضع حلول لبعضٍ من أهم القضايا في عصرنا، كالرفاهية العاطفية وأدوار النوع الاجتماعي والشؤون الاجتماعية والروحانية.
يسعى الكشافة في جميع أنحاء العالم إلى وضع مهاراتهم المتعلقة بالحوار بين أتباع الأديان والثقافات موضع التنفيذ وتبادل المعارف مع مجتمعاتهم، سعيًا لتعزيز مستوى فهم الثقافات الأخرى. وكانت الندوة الإلكترونية التي عُقدت في 21 مايو 2021 قد قدمت نظرة عامة وقيّمة حول فعالية استخدام الحوار في أماكن مختلفة كالشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا.
وتعود فصول التعاون بين مركز الحوار العالمي (كايسيد) والمنظمة العالمية للحركة الكشفية إلى عام 2013، عندما أطلق الطرفان أنشطة تدريبية لأول مرة في إطار برنامجهما الرائد الحوار من أجل السلام (DfP).
وأدار هذه الندوة الأستاذ الدكتور باتريس برودور، كبير مستشاري مركز الحوار العالمي، الذي عبر عن أهمية هذا اليوم بالنسبة إلى كل من مركز الحوار العالمي والمنظمة العالمية للحركة الكشفية، حيث كان احتفاؤهما من خلال التطرق إلى تنوع أساليب الحوار في أنحاء العالم.
وفي بداية الندوة، أكدت سينثيا ماركيز، مديرة شبكة رسل السلام التابعة للمنظمة العالمية للحركة الكشفية، أهمية التعاون الفاعل بين مركز الحوار العالمي والمنظمة العالمية للحركة الكشفية قائلةً إن هذا التعاون الثنائي -والذي بدأ في عام 2013- قد ساهم في توحيد مسارات عملنا وإيجاد عدة قواسم مشتركة فيما بيننا، كان أبرزها التفاهم المتبادل وتعزيز ثقافة السلام.
ويجدر الإشارة إلى أن اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية هي مناسبة دولية يحتفى بها في 21 مايو من كل عام، أقرّتها الأمم المتحدة بهدف الترويج لقضايا التنوع الثقافي. وغالبًا ما يشار إليه باسم يوم التنوع؛ إذ تمثل هذه المناسبة فرصة للمجتمعات في جميع أنحاء العالم لفهم أهمية هذا التنوع بوصفه وسيلة للتعايش في وئام وسلام.
لقد جاءت فكرة إنشاء برنامج الحوار من أجل السلام من الشباب ولأجل صالحهم. ويهدف البرنامج إلى إضفاء الطابع المؤسسي على الحوار وتأطيره ضمن عمل المنظمة العالمية للحركة الكشفية، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للكشافة والشباب في جميع أنحاء العالم لتقديم مبادراتهم المحلية الخاصة بالحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
ومن خلال هذا البرنامج، يحصل الكشافة المشاركون في ورش العمل والدورات التدريبية الخاصة بالبرنامج على شارات تميز مهاراتهم، وهي شارات مميزة بثلاثة ألوان: الأخضر يَعني "النجاح في الحوار الشخصي"، والأحمر يعني "اعتماد مدرب الحوار"، والأزرق يعني "اعتماد ميسر الحوار". وتدل كل شارة على جانب مختلف من معرفة الكشافة بمبادئ الحوار ومَدَى التزامهم بتعزيزها. واستفاد من البرنامج منذ يونيو 2020 حوالي 9000 شخص من جميع المناطق الكشفية الستة – وهي إفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ وأوراسيا وأوروبا والأمريكتين والمنطقة العربية. وقد خرّجت الجلسات التدريبية الخاصة بالبرنامج مجموعةً مؤلفةً من 40 مدربًا وميسّرًا معتمدًا.
تميزت الندوة بمشاركة متحاورين من خلفيات دينية وثقافية متنوعة، حيث تحدث جون ديريك إم دورميس حول حركة ""FaithFull للكشافة في الفلبين، وتطرّق جون راسموسن، عن مبادرة دوائر التعاطف في الدنمارك، وتحدّثت أماندا فلوريس عن موضوع الحوار من أجل السلام في نيكاراغوا، وسلطت نيكا جوروفسكا الضوء على موضوع الحوار ووسام الغاب في منطقة أوراسيا، وتناول أمين بن صلاح موضوع الحوار ودوره في مواجهة جائحة كوفيد-19 في تونس.
وتناوب المتحدثون على شرح أثر الحوار في دعم جهود الحركة الكشفية لمواجهة التحديات الجمّة الناتجة عن جائحة كوفيد-19، ولا سيما في مجالات الصحة النفسية والحوار بين أتباع الأديان.
في البداية، تحدث جون راسموسن، مستشار التنوع والإدماج في المنظمة العالمية للحركة الكشفية، عن أهمية معالجة الآثار النفسية التي خلفتها الجائحة، وخاصةً على فئة الشباب.
وتزامنًا مع إعادة افتتاح المدارس المملكة المتحدة هذا العام، دقّ أطباء الأطفال وعلماء النفس والجمعيات الخيرية هناك ناقوس الخطر بعد رصد ازدياد في المشاكل النفسية لدى الأطفال، محذرين من "تفاقم الأزمات" التي ألمت بالأطفال الضعفاء في أثناء الوباء. حيث أشار مزودو خدمات الصحة النفسية هناك إلى زيادة طلبات الرعاية النفسية بنسبة 70% خلال الأشهر الثلاثة الماضية مقارنة بالعام السابق.
وأثمر التعاون بين زميل كايسيد سوهيني جانا وراسموسن عن إطلاق جلسات حوارية إلكترونية أسبوعية للتحدث عن قضايا الصحة النفسية، بحضور شباب من جميع أنحاء العالم، ولا سيما كولومبيا وسريلانكا وغانا.
وفي معرض الحديث عن مبادرة دائرة التعاطف الإنساني عبر الإنترنت التي جاءت لخلق مساحة عالمية آمنة، يقول راسموسن إن التعاطف والتراحم جوهر إنسانيتنا. إذ إن الخوض في موضوع الصراعات العاطفية والأمراض النفسية أمر صعب في كثير من البلدان لأنه يضع الأسر في مواقف لا تحسد عليها. وفي أثناء الجائحة، وجد الكثيرون أنفسهم في دائرة مغلقة بسبب الإجراءات الاحترازية، ما أدى إلى زيادة كبيرة في معدلات الانتحار خاصة بين الشباب.
وهيأت هذه الندوة الفرصة أمام عدد من قادة الكشافة الآخرين للحديث عن أهمية استخدام الحوار في فتح آفاق التفاهم وتيسيره بين مختلف بلدان العالم في أثناء الجائحة.
في سياق المنطقة العربية، أشار أمين بن صلاح، المدير التنفيذي لمنظمة الكشافة التونسية، إلى أهمية استخدام الحوار لإيصال معلومات دقيقة حول فيروس كورونا، قائلًا: "إنه بالإمكان فعل عدة أمور لمساعدة من هم بحاجة إلى الدعم والرعاية. ولهذا فقد سارعت إلى عقد جلسات حوار لمساعدة القادة الآخرين وتعزيز جهودهم الميدانية، إيمانًا مني بأهمية استخدام الحوار في التغلب على هذه الأزمة.
وشدد قادة الكشافة المشاركون في الندوة على التحديات التي واجهت الحركة الكشفية في أعقاب الجائحة في ظل توقف عجلة الاقتصاد وظروف الإغلاق العام. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أثارت الجائحة أيضًا موجة جديدة من خطاب الكراهية عبر الإنترنت، والذي استهدف المستضعفين بشكل رئيسي.
وسعيًا إلى مكافحة خطاب الكراهية، أطلق جون ديريك، أحد الكشافة الناشطين في الفلبين، شبكة متعددة الأديان تضم مجتمعات مختلفة، منهم الكاثوليك والمسلمين. وبحسب ديريك فإن هذه الشبكة ترمي إلى تعريف الكشافة المستقبليين بحقيقة أن الاختلافات الدينية إنما هي جسر لتعزيز التماسك الاجتماعي.
مضيفًا أن المشروع قد أبصر النور بفضل صندوق الحوار من أجل السلام الذي تدعمه المنظمة العالمية للحركة الكشفية ومركز الحوار العالمي، وأن ما يميزه تولي الشباب أموره قيادة وتنظيمًا.
وفي الختام قال ديريك إن الهدف هو إيصال رسالة مفادها أنه "على الرغم من اختلافاتنا الدينية، لا يزال بإمكان الشباب العمل معًا من أجل تحقيق الصالح العام للمجتمع من خلال إنشاء شبكة من القيادات الدينية المتنوعة.