في حين احتشد المجتمع الدولي في أسبوع الوئام العالمي بين الأديان في 4 من فبراير 2021 احتفالًا باليوم الرسمي الأول للأخوة الإنسانية، اجتمعت القيادات الدينية وصانعو السياسات لإحياء ذكرى هذه المناسبة البالغة الأهمية في حدث افتراضي تحت شعار "طريق إلى المستقبل" شارك في تنظيمه البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة والبعثة الدائمة للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة بالشراكة مع تحالف الأمم المتحدة للحضارات (UNAOC) وبرعاية اللجنة العليا للأخوة الإنسانية.
وكان من بين المشاركين أعضاء مجلس إدارة مركز الحوار العالمي "كايسيد" سيادة المطران أيمانويل أداماكيس وسماحة شيخ الإسلام الله شكر باشازاده، اللذان تحدثا رفقة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات السيد ميغيل موراتينوس وآخرين. وقد جاء هذا الحدث الحسن التوقيت ليدل على قيمة التعاون بين القيادات الدينية وصانعي السياسات وأهميته، كما يمكن عدُّه دليلًا على اعتراف مؤسسات صنع السياسات بقيمة الحوار بين أتباع الأديان.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "إن التنوع الثقافي وحرية المعتقد يعدَّان جزءًا من النسيج الثري لكل الحضارات. وفي حين نحتفل باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، دعونا نلتزم تكثيف الجهود من أجل تعزيز التسامح والتفاهم والحوار الثقافي والديني".
وقال الممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات السيد ميغيل موراتينوس: "إن الاحتفال بيوم دولي للأخوة الإنسانية بات ضروريًّا الآن أكثر من أي وقت مضى، وذلك نظرًا إلى التجزئة المؤسفة لعالمنا اليوم. وإذ إننا لا نواجه تداعيات الجائحة فحسب، بل فيروس الكراهية والتمييز والعنصرية المعدي أيضًا، فإن الترياق هو الأخوة الإنسانية التي تجسد التعاطف والتضامن والوحدة والاحترام المتبادل".
ثم أضاف عضو مجلس إدارة مركز الحوار العالمي سيادة المطران أيمانويل قائلًا: "إن أسبوع الوئام العالمي بين الأديان واليوم الدولي للأخوة الإنسانية، اللذين ارتقيا إلى مستوى عالمي بإعلان الأمم المتحدة، يعدَّان اعترافًا بالقيم الدينية سبيلًا لسياسة التنمية البشرية العادلة والمنصفة. وعليه، يجب علينا -نحن المعنيين بأمر العالم الديني- أن نتحد من أجل تحسين سُبل المشاركة في هذا النموذج المثالي".
إلى جانب ذلك، فقد أشاد عضو مجلس إدارة المركز سماحة شيخ الإسلام الله شكر باشازاده بكلمته في هذا الحدث بدور تحالف الأمم المتحدة للحضارات في تحقيق السلام العالمي والتفاهم المتبادل.
وقبل انطلاق اليوم الأول للأخوة الإنسانية، تحدث عضو مجلس إدارة المركز الكاردينال ميغيل أيوسو إلى المركز في تسجيل صوتي حصري موضحًا أهمية المبادرة وكيف جاءت فكرتها. ولكونه أحد المهندسين الأساسيين للمبادرة وعمل جنبًا إلى جنب مع الكاردينال الراحل توران سنوات عديدة على جعلها حقيقة وواقعًا ودعوة الأمم المتحدة إلى أن تعترف بها على نطاق دولي، فإن الكاردينال أيوسو يؤمن بأننا لا يمكن أن ننجح إلا إن كنا يدًا واحدة.
وقال: "إننا بهذا الاحتفال ندعو الجميع إلى تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات بصفته أملًا لتحقيق السلام العالمي والعيش المشترك... إنها مسؤولية الجميع". ثم أضاف: "ويحدوني الأمل في أن يدعم هذا الاحتفال جميع الأعمال التي أنجزها مركز الحوار العالمي بغية تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وهو يشجعنا جميعًا على مواصلة العيش المشترك من أجل الصالح العام... وتوحيد جهودنا كلها لإيجاد عالم أفضل، ولا سيَّما عبر مركز الحوار العالمي".
لم يكن اجتماع عام 2019 بين البابا فرانسيس والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف حدثًا بارزًا في العلاقات بين الإسلام والمسيحية فحسب، بل كان رسالة قوية إلى المجتمع الدولي أيضًا تدعو إلى السلام العالمي ومواجهة التحديات المشتركة، ومنها الإرهاب والانقسام وخطاب الكراهية والعنف. وقد أسفر ذلك الاجتماع عن إعلان الأخوة الإنسانية، الذي حظي بالاعتراف الدولي هذا العام.
وإن اعتراف الأمم المتحدة بهذا الإعلان المهم الصادر عن ذلك الاجتماع هو أعلى صورة من صور الاعتراف الدولي، مما يعني أن قيم هذه الوثيقة قد أُدرجت رسميًّا في جدول الأعمال الدولي، وذلك بفضل جهود القيادات الدينية العاملة من أجل مستقبل شامل يجمع القيادات الدينية وصانعي السياسات على طاولة الحوار نفسها بوصفهم شركاء في صنع القرار وتنفيذ السياسات التي تعزز المواطنة المشتركة وتحقق منفعة المجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم. ولهذا السبب، يعقد مركز الحوار العالمي شراكات مع هيئات الأمم المتحدة، ومنها تحالف الأمم المتحدة للحضارات (UNAOC) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO) ومكتب الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية ومسؤولية الحماية (UNOGPRP) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وغيرها الكثير. وقد تمكن المركز من الناحية الاستراتيجية، بفضل هيكله الفريد وولايته، من الربط بين العالمين الديني والسياسي من أجل التعاون وإيجاد الحلول المستدامة للتحديات القائمة.
وأتى يوم الأخوة الإنسانية نتيجة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة A/RES/75/200، الذي اعتُمد في 21 من ديسمبر عام 2020، والذي أُعلن فيه يوم 4 من فبراير يومًا دوليًّا للأخوة الإنسانية يُحتفل به كل عام بدءًا من عام 2021. وقد نظر القرار في الجهود والمبادرات الرامية إلى تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ومنها الاجتماع الذي أسفر عن "وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" التي وقعها البابا فرانسيس والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف قبل عامين بالضبط، ويرمي الاتفاق التاريخي ذاك إلى أن يكون "دليلًا للأجيال المقبلة" وتعزيز السلام والعلاقات بين المجتمعات الإسلامية والمسيحية على مستويات المجتمع كافة.
لمعرفة المزيد عن كيفية تأثير وثيقة الأخوة الإنسانية في عمل مركز الحوار العالمي، اضغط هنا.