في مبادرة شعبية صحية هي الأولى من نوعها، عمل أحد زملاء مركز الحوار العالمي (كايسيد) بالتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووزارة الصحة في أربيل بكردستان العراق، على التعريف بكوفيد-19 والتوعية بمخاطره.
برزان باران راشد، الذي كان زميلًا في برنامج كايسيد للزمالة الدولية لعام 2019، هو عضو في مؤتمر أربيل للمواطنة والسلام في العراق، وهو أيضا خطيب في مسجد حميد سيان التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
ويرمي مشروعه - الذي يعد جزءًا من حزمة مبادرات كايسيد القائمة على دعم الزملاء في سبيل مواجهة آثار الجائحة في 60 دولة حول العالم – إلى جمع القيادات الدينية وصانعي السياسات معًا للتوعية بشأن كوفيد-19. وقد دعا راشد، بالتعاون مع مشاركين من اثنتين من الوزارات الرئيسية في العراق، إلى تقديم استجابات حكيمة للوقاية من الوباء في المناطق التي كانت تشهد التزامًا منخفضًا بإجراء "البقاء في المنزل".
وقال راشد إن التعاون بين الوزارتين أمر بالغ الأهمية في مواجهة كوفيد-19 في منطقة يتجمع فيها أكثر من مليون شخص لأداء صلاة الجمعة في معظم مساجد كردستان.
وأضاف: تؤثر هاتين الوزارتين تأثيرًا كبيرًا على المجتمع الكردي، وعلى سبيل المثال لا الحصر: تدير وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أكثر من 6000 مسجد و400 معبد ديني. في حين أن لوزارة الصحة دورًا كبيرًا في توعية المجتمع للوقاية من كوفيد-19. وقد استطعنا أن نقنع الوزارتين بقبول التفاوض لمناقشة كيفية تنسيق العمل بين الحكومة والقيادات الدينية في نفس الوقت.
وقال راشد إن فريقه تواصل مع الوزارتين وشرح لهم أهداف المشروع. وواصل: تعمل معظم القيادات الدينية، مثل الأئمة، في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية. لذلك، احتجنا إلى إذن الوزير لإشراك القيادات الدينية في أنشطة المشروع. ومن أهداف المشروع الرئيسية أيضا ه اِستقطاب خبراء صحيين من وزارة الصحة لتثقيف القيادات الدينية بشأن طبيعة كوفيد-19 وآليات منع انتشاره.
أدت الآثار طويلة الأمد للنزاع في العراق، فضلاً عن نقص الموارد، إلى خلق العديد من العقبات في الحد من اِنتشار كوفيد-19، بما في ذلك نقص الوعي بالأمراض الانتقالية والتحديات في قطاعي التعليم والصحة.
ويرى راشد أن العراقيين يواجهون مجموعة من المشاكل من جراء الجائحة مثل البطالة والفقر ومشاكل المعابر الحدودية بين العراق وإيران.
بعد انتشار بطيء نسبيًا لكوفيد-19 في الفترة الممتدة من يناير إلى مايو، ارتفعت الحالات بنسبة 600% في يونيو، حسب ما جاء عن لجنة الإنقاذ الدولية. وقد سجلت حكومة العراق ما يقرب من 185,000 إصابة وأكثر من 6000 وفاة.
أدت جائحة كوفيد-19 إلى استنفاد قدرة النظام الصحي في العراق، حالها حال العديد من دول العالم. ومع التزايد الملحوظ في عدد الإصابات، فقد زاد الاكتظاظ في المستشفيات الذي رافقه نقص في عدد الأسِرَّة ومعدات الحماية وأجهزة التنفس. وبالتالي، فقد أجبرت هذه الظروف السلطات على تحويل الملاعب والفنادق إلى أجنحة ومراكز احتواء لمرض كوفيد-19
ومن أجل الوصول إلى شريحة أكبر من المواطنين العراقيين، يتعاون راشد مع قيادات من مجتمعات دينية متنوعة؛ البهائية والمسيحية والإسلامية والصابئة المندائية واليزيدية والزرادشتية. كما يدرب القيادات الدينية على استخدام منصاتها الاجتماعية لتثقيف أتباعها بشأن إرشادات النظافة الموصى بها وجميع الإجراءات الأخرى التي تحمي الأشخاص من الإصابة بالفيروس.
وأضاف راشد: نفذنا العديد من الأنشطة التي استهدفت جميع المكونات الدينية والوطنية في ظل هذه الظروف الصعبة، على سبيل المثال: إعداد خُطب صلاة الجمعة بشأن خطورة جائحة كوفيد-19 من جميع جوانبها. كما شجعنا القيادات الدينية على مواجهة التحديات التي تعصف بالشعب العراقي وتخفيف وطأتها بالخطب الدينية في جميع دور العبادة.
وبدعم من مركز الحوار العالمي، فقد استخدم راشد أيضًا شركة محلية تسمى "سمارت هاند" لمساعدته في توعية القيادات الدينية بأفضل ممارسات وسائل التواصل الاجتماعي، وتدريبها على نشر رسائل الفيديو التي تعزز التماسك الاجتماعي بين المجموعات ذات الخلفيات الدينية والعرقية المختلفة. وقد أثبتت المنصات الرقمية مثل فيسبوك أنها وسيلة ناجعة وفعالة للوصول إلى جميع المتدينين.
وقال راشد صراحة: بالإضافة إلى إلقاء الخطب في دور العبادة المختلفة، فقد ركزنا على كيفية الاستفادة من الإنترنت لتثقيف المواطنين. ولإيصال رسائلنا التوعوية إلى مختلف أتباع الأديان، فقد ي أنشأنا مجموعات لجمع الأطراف المعنية بالأزمة.
أما في المناطق العراقية التي يقل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فيها، يساعد راشد -بدعم من مديرية الصحة في أربيل، القيادات الدينية على إيصال الرسائل والأدلة التوعوية إلى المنازل. وقد تلقت جهود راشد الدعم والمَدَد من "مجموعة متطوعة من القيادات الدينية."
وقد استهدفت هذه الجهود أيضًا بعض المجتمعات الدينية الأشد تضررًا وحاجةً في العراق، مثل المجتمعات اليزيدية في الشمال، والتي تعيش حاليًا في مخيمات النازحين بسبب الصراع العنيف. اعتمدت هذه المجتمعات بشكل كبير على المنشورات والبيانات الموزعة لمعرفة المزيد عن الوقاية من كوفيد-19. وقال راشد: إن احتياجات اللاجئين تختلف عن احتياجات السكان الأصليين.
واختتم راشد حديثه قائلًا: لقد أثلجت مبادرتنا قلوب جمع المشاركين، ولا سيما القيادات الدينية وصناع القرار. لقد كان هذا النهج جديدًا في المنطقة لأنه جمع قيادات دينية مختلفة وسعى بشكل جماعي إلى إيجاد حلول لمواجهة كوفيد-19. وقد تلقينا الكثير من الانطباعات الإيجابية من القيادات الدينية ومسؤولي الوزارتين وكذلك أولئك الذين يشاركون في أنشطة المشروع.