اختُتِم أمس مؤتمر الحوار من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة الذي نظمه مركز الحوار العالمي في فيينا خلال الفترة من 11 -12 ديسمبر2019م وركز على أربعة مجالات يَدعم فيها الحوارُ بين أتباع الأديان تلك الأهدافَ- بالتوكيد على أن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال إشراك القيادات الدينية ومجتمعاتهم.
وشدّدَ المشاركون المؤتمر، ]قُدِّروا بأكثر من (120) زميلاً وزميلة من برنامج كايسيد للزمالة من أكثر من (40) دولة و(9)ديانات، على الحاجة الماسّة إلى العمل على المستوى الشعبي وإدماج الحوار في تحقيق الأهداف العالمية.
من جانبه أوضح معالي الأمين العام لمركز الحوار العالمي الأستاذ فيصل بن معمر، أن المشاركين في اللقاء قد ركزوا على السبل الكفيلة بتعزيز الحوار بين أتباع الأديان وتحقيق أجندة التنمية العالمية، بمناقشة أربعة أهداف رئيسة لخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة2030: وهي الهدف(4): التعليم الشامل؛ الهدف:(5):تمكين النساء؛ الهدف (16): المجتمعات السلمية؛ الهدف (17): عقد الشراكات، وهي أهداف منوط بالمركز تحقيقها.
وقال ابن معمر أن المؤتمر يأتي تقديرًا من مركز الحوار العالمي(كايسيد) لأدوار الشباب ، وتأهيلهم على تحمُّل المسؤولية بكفاية وجدارة وفعالية لتحقيق أهداف أوطانهم التنموية، حيث يعدّ المركز، مسألة تأهيل وتدريب وإعداد القيادات الشابة من أهم المحفّزات، التي تخدم التنمية المستدامة.
من ناحيتها، قالت السيدة كيرستن إيفانز، مديرة قسم التعليم الأمريكي في مركز مبادرات الإيمان والفرص وكبيرة المستشارين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID): "إن القيادات الدينية والتقليدية تقدم زوايا لرؤى فريدة جدًّا من خلالها يمكن عرض أكثر التحديات التي تواجه التنمية الحالية في عصرنا وتقديم حلول لها".
وأضافت مايا عساف هورتسماير، مديرة قسم حساسية النزاعات وبناء السلام في منظمة وورلد فيجن(World Vision): "عندما يكون المجتمع هشًا ومهمشًا ومنكسرًا، يكون من الصعب تخيل وجود أي تدخل مستدام دون أن يكون للقيادات الدينية دور رئيس فيه؛ فلطالما كان دورهم في تنمية المجتمع حاضرًا في جميع الأزمنة، لكنه لم يكن معترَفًا به كما هي الحال اليوم".
عرضت اللجان تجارب (33) من خريجي برنامج الزمالة، الذين يعملون من خلال الحوار بين أتباع الأديان لتحقيق السلام والتنمية في مجتمعاتهم؛ كما أتاح المؤتمر مساحة كبرى لمناقشة تحدياتهم ومجالات التعاون المحتملة بين أتباع الأديان والبلدان.
وكانت أفكار تعزيز التعاون بين القيادات الدينية وواضعي السياسات، فضلًا عن الحاجة إلى تدريب قيادات المجتمعات الدينية، من التوصيات العامة التي من المقرر تجميعها ونشرها وإدماجها في مبادرات برنامج الزمالة في المستقبل.
وعلى الرغم من أن المؤتمر، قد ركز على أربعة مجالات محددة؛ فقد شجعت الزمالة على عقد شراكات متعددة الأديان ومتنوعة القطاعات؛ استجابةً لقضايا أخرى، مثل: تغير المناخ.
وقالت الدكتورة أمانة نوريش، عالمة الأنثروبولوجيا في إندونيسيا: "نحتاج إلى مزيد من المياه النظيفة والهواء النقي والبيئة الصحية؛كما يجب أن يكون مجهودنا عمليًّا بنحو أكبر، بوصفنا مؤسسات دينية".
وتضمنت التوصيات المتعلقة بتحقيق الهدف(16) من أهداف خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والمتعلق بالسلام والعدل والمؤسسات القوية، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمكافحة قصص الكراهية وإدراج التدريب على الاتصالات الرقمية ليكون جزءًا من البرامج التعليمية الدينية؛ لتصبح طرفًا لإشراك الشباب وتمكين القيادات الدينية.
وقال الحاخام ديفيد روزن، عضو مجلس إدارة مركز الحوار العالمي، خلال حلقة النقاش حول الهدف(5) من أهداف التنمية المستدامة، المتعلق بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة: "لا تكتمل الإنسانية إذا لم يكن عنصرا الذكور والإناث موجودَين". وقد اتفق المشاركون في المناقشة، وهم نساء من غواتيمالا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، على ضرورة تثقيف مجتمعاتهم المحلية حول دور المرأة في بناء السلام.
وقالت الأستاذة الدكتورة بسمة أحمد جستنية، من السعودية:
"لقد أثبت التاريخ أن تمكين المرأة يُعَد مساهمة في إدارة الاختلافات؛ والقضاء على الصراع وحل المشكلات".
وأوصَى المشاركون باستخدام الموارد المتاحة داخل الأديان لإحداث التغيير؛ كما شجعوا على الحوار الأفقي وداخل الأجيال لتكون مسارات لتغيير المواقف.
بعض التوصيات المطروحة لتحقيق الهدف(4) من أهداف التنمية المستدامة، المتعلق بالتعليم الجيد، شملت تبَنّي تعليم المواطنة العالمية، وتعليم السلام، والحوار بين أتباع الأديان والثقافات على مستوى السياسة الوطنية، وكذلك مراجعة المناهج الدراسية لتعزيز احترام الاختلافات، وتعزيز التعددية، وتعزيز التناغم الاجتماعي.
وفي النقاش الدائر حول الشراكات (الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة)، أشار مُمارِس الحوار السيد ستيفن شاشوا إلى ظهور معاداة السامية والتطرف العنيف وكره الأجانب باعتبارها بعض التحديات الحالية؛ فقال معبرًا: "إن الوضع مظلم، ويزداد إظلامًا. ولن يمكننا أن نتغلب على الظلام إلا إذا تضافرت جهودنا وجمعنا أنوارنا معًا".
احتفى عضو مجلس الإدارة الدكتور محمد السمَّاك بالتوقيت والمواضيع التي نوقشت خلال المؤتمر، وقال: "لا تصل الرسالة دون رسول". في إشارة إلى جهود مركز الحوار العالمي وبرنامج الزمالة؛ وشجع المشاركين على مواصلة بناء الجسور في مجتمعاتهم.