في حوار مع الأستاذ بالمعهد العالي للحضارة الإسلامية في جامعة الزيتونة بتونس

10 أغسطس 2017

البرهومي: سأشتغل على تفعيل مقتضيات الحوار وآلياته

نتحمل جميعنا درجة من المسؤولية في واقع التطرف الديني

قال الأستاذ بالمعهد العالي للحضارة الإسلامية في جامعة الزيتونة بتونس الدكتور رمضان البرهومي أن بناء شبكة صناع السلام تحتاج إلى التدخل لدى الدول الأعضاء والمؤسسات الدينية والعلمية النافذة لإدراج مقررات تدريبية على الحوار في المؤسسات التعليمية و الجامعية فضلا عن توجيه السياسات الثقافية نحو تجاوز ظاهرة سوء استخدام الدين لتبرير العنف و ذلك باستثمار العمل مع المؤسسات ذات الصلة بالحوار مثل مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد" و "اليونسكو" أو "الألكسو" و "الإيسيسكو.

ورأى الدكتور البرهومي في حوار مع "     " ضرورة الاشتغال لتحقيق السلام في البلاد العربية أو غيرها في نطاق الثقافة الإسلامية أو السياقات الدينية الأخرى مع القيادات الدينية الوسطى والصغرى، معلنا أنه سيشتغل على تفعيل مقتضيات الحوار وآلياته بصور مختلفة بتكوين فرق حوار من الطلبة و الباحثين للتواصل مع أتباع المؤسسات الدينية المسيحية خاصة وعرض حصيلة تلك المقابلات على بقية الطلبة وكذلك تكليف طلبة الماجستير والدكتوراه ببحوث ميدانية في واقع التنوع الديني في تونس وأيضا الاشتغال في المجال الاعلامي بقضايا الحوار.

وتاليا نص الحوار:

السؤال 1

ماذا تعني لك المشاركة في برنامج الزمالة الدولية لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات؟

الجواب// تؤشر مشاركتي في برنامج مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد" للزمالة الدولية في نسخته العربية 2017 في أنني أدركت من خلال مشاركتي في فعاليات الدورة التدريبية الأولى لبرنامج "كايسيد" للزمالة الدولية للمنطقة العربية 2017 أن المنطقة العربية تحتاج إلى أن تستحضر كل العوامل العرقية واللغوية وطبعا الدينية في ممارسة التواصل الحواري مع مكونات نسيج الثقافات والأديان وهذا يدعونا إلى الاهتمام بالحوار البيني الداخلي قبل مرحلة توسيع دوائر الحوار وادعاء القدرة الفائقة في المحاورة ونحن بكل أسف نحمل في داخلنا تركة من الحقد والفتن والأخطر من ذلك أننا نتوهم بمثل هذه الأفكار الوفاء لوصايا  أجدادنا ولمثل هذا الاعتبار أقدر عاليا برنامج الزمالة الدولية للمنطقة العربية أولا، قبل الانصهار في سياق الزمالة الدولية في أوسع آفاقها الثقافية والدينية.

السؤال 2

كيف يمكن استثمار المعرفة التي يمنحها برنامج الزمالة الدولية في العالم العربي في بناء شبكة من مجتمع فعال عبر الحدود يضم صناع السلام لإقامة الحوار بين أتباع الأديان وإيجاد حلول مستدامة للسلام والتعايش السلمي في العالم العربي؟

الجواب// نعم دون أدنى درجة من الشك في القيمة المعرفية أو الابستمولوجية فيما تتيحه مثل هذه الدورات التدريبية التي تنزل بحقيقة الحوار من مدارج الجامعات أو من رفوف المكتبات وتزكية المؤتمرات العلمية للمقترحات التي لا تتجاوز صالونات الفنادق حيث تنعقد تلك المؤتمرات إلى التحقق العملي للحوار، والسؤال يتصل بكيفيات استثمار هذه الأفكار لبناء شبكة صناع السلام والإجابة لا تكون وصفة جاهزة وإنما نحتاج بصدد السعي إلى هذه الغاية السامية إلى أمرين، الأولى  وهو التدخل لدى الدول الأعضاء والمؤسسات الدينية والعلمية النافذة لإدراج مقررات تدريبية على الحوار في المؤسسات التعليمية و الجامعية فضلا عن توجيه السياسات الثقافية نحو تجاوز ظاهرة سوء استخدام الدين لتبرير العنف و ذلك باستثمار العلاقة مع "كايسيد " وغيره من المؤسسات ذات الصلة بالحوار مثل اليونسكو أو الإلكسو والإيسيسكو.

ولا أعتقد في إثارة أي خلاف حولها في أدبيات كل الأديان وربما يحتاج هذا القول إلى التدقيق فإنني أعني ضرورة الاشتغال لتحقيق السلام في البلاد العربية أو غيرها وفي نطاق الثقافة الإسلامية أو السياقات الدينية الأخرى مع القيادات الدينية الوسطى و الصغرى و ذلك لما نعرفه من أدلة تاريخية وراهنة على تورط بعض القيادات الفقهية خاصة في صناعة الفتنة في أزمنة متلاحقة إلى عصرنا.

السؤال 3

إلى أي مدى يمكن للقيادات والمؤسسات الدينية، إلى جانب صانعي القرار ومكونات المجتمع كافة، أن تدفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوّع وإرساء قواعد العدل والسلام بين الأمم والشعوب، في ظل تنامي ظواهر التطرف و الإرهاب والعنف بإسم الدين؟

الجواب//  الإجابة على هذا السؤال مرتبطه بتحديد المسؤوليات لأننا نبحث عن ترويج صورة المظلومية ومن ثم إننا نؤجل الأزمات بادعائنا ملائكية زائفة وهذه الممارسة نفسها منتشرة عند كل أتباع الأديان وهذا الموقف أرى فيه زئبقية ومخاتلة لحقيقة التنوع وضرورة الحوار.

نعم بالتأكيد نتحمل جميعنا درجة من المسؤولية في واقع التطرف الديني، فالإرهاب ليس ممارسة فوق أرضية، إنه من صناعة الإنسان وما دمنا متمسكين بإنسانيتنا فإننا نحتاج إلى اليقين في كسب المعركة الإنسانية مع التطرف بكل أشكاله وهي معركة بلا ريب طويلة و "كايسيد" في الطريق السوي، طريق الإنسان ومحبة حياة الخير و الفضيلة.

السؤال 4

ما هو برأيك أهمية إطلاق مبادرات محلية وإقليمية وعالمية لمكافحة الإرهاب ولمعالجة التطرف والحد منه وترسيخ الوسطية والاعتدال ونشر ثقافة الحوار دينياً وتعليمياً وثقافياً واجتماعياً.

الجواب// عموما ثقافة المبادرة في مستوياتها المحلية والإقليمية ومن ثم الدولية تحتاج إلى قدر هائل من التحمل والمثابرة وذاك هو طريق الحكماء وصناع الخير و الرخاء في مناقضة كاملة لصناع الشر والدمار، والعالم اليوم يحتاج إلى فردانية الخير المختلفة عن دلالة الفردانية في سياقاتها الاقتصادية والاجتماعية بالمعنى الذي يدفع كل فرد إلى خير الآخرين ومنفعتهم لكن هذا الجهد لا يؤتي فوائده دون الاشتغال عليه في إطار مؤسساتي ومن المهم هنا أن كل المؤسسات الإقليمية والدولية الحكومية خاصة، إلى تشبيك علاقتها بغاية نشر ممارسة الحوار وعدم الاكتفاء على النحو الذي نعيشه ولذلك نوهت بداية الحوار بالأثر الواقعي لدورات "كايسيد" التدريبية على الحوار سيما اذا كان الخبراء من ذوي الدراية في فض النزاعات و صنع السلام مثل الدكتور محمد ابو النمر و الأستاذ أنس العبادي و الدكتور الياس الحلبي  فشكرا لهم جزيلا، جزالة الحكمة و الفضيلة الإنسانية.

السؤال 5

كيف يمكن أن تسهم في العمل من أجل الحفاظ على التنوع الديني والثقافي في ضوء المواطنة المشتركة، وتوفير منصات تسهم في إحداث تغيير إيجابي لدعم وتعميق مفهوم المواطنة المشتركة وترسيخ التعايش السلمي، وقيم الحوار والتفاهم والتعاون بين أتباع الأديان والثقافات المتنوعة؟

الجواب// مهم هذا السؤال لأنه يخرجنا من فن الكلام عن الحوار إلى التفنن في ممارسة الحوار وكما أثر القول على قدر أهل العزم تأتي العزائم وهو ما يعني اختلاف وضعيات الحوار و من هنا أطرح الإمكانات المتاحة في سياق التخصص العلمي و باعتبار انتسابي للمعهد العالي للحضارة الإسلامية  بتونس  فإنني سأشتغل على تفعيل مقتضيات الحوار وآلياته بصور  مختلفة بتكوين فرق حوار من الطلبة والباحثين للتواصل مع أتباع المؤسسات الدينية المسيحية خاصة وعرض حصيلة تلك المقابلات على بقية الطلبة، وكذلك تكليف طلبة الماجستير والدكتوراه ببحوث ميدانية في واقع التنوع الديني في تونس، وأيضا الاشتغال في المجال الإعلامي بقضايا الحوار علما أنني أمارس هذا الاختيار من سنوات سابقة وواصلت الاهتمام بعد أن شرفني "كايسيد" بالانضمام إلى برنامج الزمالة الدولية للمنطقة العربية 2017.